الظن به حسننا بل الدلالة حاصلة على فساد طويته وشله وحيرته ذلك أنه مع رسول الله صلى عليه واله وفي حوزته بحيث اختار الله تعالى ستر نبيه وحفظ مهجته هذا وقد كان يخبر عليه السلام بخبر من أسلم على يده بان الله سينصره على عدوه ومعانده وانه وعده اعلاء كلمته واظهار شريعته وهذا يوجب الثقة بالسلامة وعدم الحزن و المخافة ثم ما ظهر له من الآيات الموجبة لسكون النفس وإزالة المخافة من نسج العنكبوت على باب الغار وتبيض الطائر هناك في الحال وقول النبي صلى الله عليه وآله لما رأى من عدم ثقته بالله تعالى حزنه وكثرة هلعه وجزعه ان دخلوا من ههنا وأشار إلى جانب الغار فانخرق وظهر له منه البحر وببعض هذا يأنس المستوحش وبنظره يطمئن الخائف فلم يسكن أبو بكر إلى شئ من ذلك وظهر منه الحزن والقلق ما دل على شكه في كل ما سمع و شاهد ولا شبهة بعد هذا البيان تعترض في قبح حزنه ولا شك في أنه عاص لله سبحانه وان النهي إليه كاشف عن حاله وأما حزن أم موسى عليه السلام فمفارق أيضا لحزنه لان أحدا لا يشك في أن خوفها وحزنها إنما كان شفقة منها على ولدها لما امرت بالقائه في اليم ويجوز ان يكون لم تعلم في الحال بأنه سيسلم ويعود إليها على أفضل ما تؤمل فلحقها ما يلحق الوالدة على ولدها من الخوف والحزن لمفارقته فلما قال لها لا تخافي وتحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين اطمانت عند ذلك وسكنت تصديقا للقول وثقة بالوعد وأبو بكر فقد سمع مثل ما سمعت ورأى أكثر مما رأت ولم يثق قلبه ولا سكنت نفسه فوضح الفرق بين حزنها وحزنه على أن ظاهر الآية تشهد بان الله تعالى أمر أم موسى عليه السلام ان تلقى ولدها في اليم وسكن قلبها عقيب الامر في قوله سبحانه * (وأوحينا إلى أم موسى ان ارضعيه فإذا خفت عليه فالقيه في اليم فلا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) * القصص فالخوف والحزن اللذان ورد ظاهر النهي عنهما يصح ان لا يكون وقعا منها لأن تسكين النفس بالسلامة إشارة بحسن العاقبة عقيب الامر بالالقاء يؤمن من وقوع الهم والحزن جميعا وأما حزن أبي بكر فقد وقع وأجمعت الأمة على أنه حزن وليس من فعل كمن لم يفعل فلا نقض بهما من كل وجه (فصل اخر وسؤال) فان قال قائل ما جوابكم لمن يقول إن العمدة في تفضيل أبي بكر هي مفارقته لأهله ووطنه وولده وعشيرته ومشاركته لرسول الله صلى الله عليه وآله في هجرته وبذل نفسه والخروج معه دون غيره من جميع أهله وأصحابه حتى روى أن من
(٢٠٥)