مسألتان في النص على علي (ع) - الشيخ المفيد - ج ٢ - الصفحة ٦
للآخرين حرمة ويتعرض لهم بسوء، ثم انظر كيف يحاول أن يرفع شأن الباقلاني بهذه القصة المفتعلة، وليس هذا بعيدا عن كاتب عاش في عصور الظلام وتربى في معاهد الحقد ومدارس الطائفية، وكم للخطيب في تاريخه مثل هذه السفاسف والأكاذيب حول رجالات أهل البيت (ع) وعلمائهم. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أما المفيد (ره) فإنه لا يحط من قدره ولا يهبط من شأنه هذه المناظرات الوهمية التي ينهزم فيها (كما يصورها الخطيب) لأنه أعظم شأنا وأجل قدرا من أن يشينه مثل هذه الأكاذيب، وكفاه شأنا وعلوا أنه ربى أفذاذ الأمة وأعاظم علمائها أمثال الشيخ الطوسي والشريفين الرضي والمرتضى والنجاشي والديلمي وغيرهم فهؤلاء الذين هم أقرب الناس إلى المفيد من أمثال الخطيب (الذي لعله لم يتشرف ولو بلقائه مرة واحدة) يصورونه إنسانا، متواضعا، دينا، عف اللسان - قائم الليل، لا يبتعد ذكر الله عن لسانه.
يقول ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان (1) قلت: وكان كثير التقشف والتخشع والإكباب على العلم... ما كان المفيد ينام من الليل إلا هجعة ثم يقوم يصلي أو يطالع أو يدرس أو يتلو القرآن.
وهذه الرسالة تدور حول سؤال سأله الباقلاني من الشيخ المفيد عن عدد من يروي النص على خلافة أمير المؤمنين (ع) ثم يضيف بأنهم إن كانوا قلة فلا يفيد شيئا وإن كانوا كثرة فلماذا لم يقاتل بهم علي (ع) أعداءه.
فيبدأ الشيخ بالإجابة فينفي قلة الرواة، ويثبت الكثرة ثم يستمر في كلامه إلى أن يفحم الباقلاني كما يفهم من كلام روى الرسالة حيث يقول أخيرا (فلم يأت - أي الباقلاني - بشئ).

(1) 5 / 368.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»