وصلتنا رسالتان تحملان عنوان (النص على علي عليه السلام) إحداها هذه الرسالة التي وفقنا الله تعالى لتحقيقه، فإنها برغم صغر حجمها كبيرة في مفاهيمها، عظيمة في مضمونها، فهي كما جاء في صدرها تقرير عن المناظرة التي جرت بين الشيخ المفيد وبين أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني القاضي، ولم يرد في الرسالة ذكر لمكان المناظرة ولا ذكر للمشاركين في تلك الجلسة ولا تاريخها.
فأما الباقلاني فإنه كان رأس الأشعرية وشيخها والمدافع عن مذهبهم وأما الشيخ المفيد فإنه شيخ الإمامية ورئيسها والمدافع عن مذهب أهل البيت (ع).
ونجد على صفحات كتب السير والكلام مناظرات عديدة جرت بينهما سجلها لنا التاريخ. ولكن يرى المتتبع أن المنحرفين عن جادة الصواب يحاولون أن يقلبوا هزيمة الباقلاني في مناظراته مع المفيد (ره) إلى نصر ساحق وأن يشوهوا صورة المفيد إمام القارئ.
أنظر إلى ترجمة الباقلاني في تاريخ بغداد تاريخ بغداد 5 / 379 يترائى لك الخطيب متعصبا حقودا ويستشف من خلال عباراته حقده على المفيد (ره) وتبرمه منه، فإنه يحاول أن ينقص من قيمة المفيد وينزل قدره أمام أعين القارئ، مثلا حينما ينقل حادثة مزعومة حاكها مخيلة الخطيب فيقول (... وحدث أن ابن المعلم - شيخ الرافضة و متكلمها - حضر بعض مجالس النظر مع أصحاب له إذ أقبل القاضي أبو بكر الأشعري، فالتفت ابن المعلم إلى أصحابه وقال لهم: قد جاءكم الشيطان، فسمع القاضي كلامهم - وكان بعيدا من القوم - فلما جلس أقبل على ابن المعلم وأصحابه وقال لهم: قال الله تعالى: (إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) أي إن كنت شيطانا فأنتم كفار...) الخ.
وهكذا يريد الخطيب أن يصور المفيد للقارئ إنسانا شتاما، سبابا، لا يراعي