عدم سهو النبي (ص) - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٥
فصل على أن الرواية له من طريقي الخاصة والعامة، كالرواية من الطريقين معا: أن النبي صلى الله عليه وآله سها في صلاة الفجر (١) وكان قد قرأ في الأولة منهما سورة النجم، حتى انتهى " إلى قوله: (أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى) (٢) فألقى الشيطان على لسانه (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى) ثم تنبه على سهوه فخر ساجدا، فسجد المسلمون، وكان سجودهم اقتداءا به. وأما المشركون فكان سجودهم سرورا بدخوله معهم في دينهم (٣).
قالوا: وفي ذلك أنزل الله تعالى: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته﴾ (4) يعنون في قراءته، واستشهدوا على ذلك ببيت من الشعر وهو:
تمنى كتاب الله يتلوه قائما * وأصبح ظمآنا وقد فاز قاريا (5)

(١) النجم: ١٩ و ٢٠.
(٢) انظر ما رواه الشيخ الكليني في الكافي ٣: ٢٩٤ الحديث ٩ و ٣٥٧ حديث ٦، والشيخ الطوسي في التهذيب ٢٠: ٣٤٥ الحديث ١٤٣٣، والشيخ الصدوق في الفقيه ١:
٢٣٣
الحديث ١٠٣١.
(٣) ذكر الخبر الجصاص في أحكام القرآن ٣: ٢٤٦ - ٢٤٧، واسقطه من عين الاعتبار.
وذكر ذلك أيضا القرطبي في تفسير ١٢: ٨١ - ٨٥.
(٤) الحج: ٥٢.
(٥) حكى الشيخ الطبرسي في مجمع البيان ٤: ٩١، في تفسير الآية الكريمة، قول الشريف المرتضى قدس سره حيث قال: لا يخلو التمني في الآية من أن يكون معناه التلاوة، كما قال حسان بن ثابت:
تمنى كتاب الله أول ليله * وآخره لاقى حمام المقادر ولم ينسبه ابن منظور في لسان العرب ١٥: ٢٩٤ مادة (منى) إلى حسان، بل ذكره باللفظ المتقدم، وباللفظ التالي:
تمنى كتاب الله آخر ليله * تمني داود الزبور على رسل
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»