رسالة في معنى المولى - الشيخ المفيد - الصفحة ٤
الثانية: رسالة في معنى المولى، وهي هذه الرسالة التي نقدم لها، وقد أملاها الشيخ على أثر نقاش حصل له مع متكلم معتزلي من جماعة (البهشمية) المنسوبة إلى أبي هاشم الجنائي، حيث أنكر دلالة لفظ " المولى " على الإمامة، لإنكاره كون الإمامة من معانيها أصلا لغة.
وقد رده الشيخ المفيد، بإثبات أن الإمامة من المعاني اللغوية للكلمة، بل هي الأصل، والمعنى الموضوع له، والحقيقي للكلمة، بنفس الطريقة التي اتبعها في الرسالة الأولى " أقسام المولى في اللسان ".
فاستشهد بأشعار كبار الشعراء من الصحابة وغيرهم، ممن يحتج بكلامهم في معرفة اللغة ودلالاتها.
وأضاف هنا الاستدلال بالفهم اللغوي المعاصر، مستندا إلى اتصال هذا الفهم إلى زمان الرسول صلى الله عليه وآله، وذلك حيث يروي الشيعة بأجمعها عن أسلافها - وليس يمكن دفع أكثرهم عن الفصاحة - إلى أن ينتهي إلى عصر رسول الله صلى الله عليه وآله، أن الذي جعله الرسول لعلي عليه السلام في يوم الغدير هو الإمامة، وأن الذي ضمنته لفظة " المولى " هو: الرئاسة.
ويمكن أن يعتبر هذا الاستدلال، تمشيا مع الرأي الذي يشكك في كفاية الاستناد إلى الفهم المعاصر من ألفاظ اللغة، لاستناده إلى المعصوم عليه السلام، مع بعد الزمان، وتقلب المفاهيم اللغوية على الدوام.
فإن اتصال هذا الفهم من عصرنا، إلى عصر الرسول صلى الله عليه وآله يكفي دليلا على عدم تغير وضع الكلمة.
مع أن هذا الرأي باطل أساسا، لأنه يؤدي إلى سد باب اللغة وتعطل النصوص، لعدم الدليل على اتصال كل معنى ومفسدة بديهية كهذه تكفي للرد
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»