رسالة في معنى المولى - الشيخ المفيد - الصفحة ١٩
وجلالته في العرب، حيث يقول في قصيدته المشهورة:
ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا ولكن الرجال تبايعوها * فلم أر مثلها خطرا مبيعا فلم أبلغ به لعنا ولكن * أساء بذاك أولهم صنيعا وأوجب له الإمامة بخبر الغدير، ووصفه بالرئاسة من جهة " المولى ".
وليس يجوز على الكميت مع جلالته في اللغة والعربية وضع عبارة على معنى لم يوضع عليه قط في اللغة، ولا استعملها قبله فيه أحد من أهل العربية، ولا عرفتها شئ عنه (كذا) كما وصفت أحد منهم، لأنه لو جاز ذلك عليه جاز على غيره ممن هو مثله، وفوقه، ودونه حتى يفسد اللغة بأسرها، ولا يكون لنا طريق إلى معرفة لغة العرب على الحقيقة، وينغلق الباب في ذلك.
ثم من تقدم هذين الرجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وفصحاء العرب الذين تحدوا بالقرآن، وكان علامة إعجازه عجزهم عنه، وقد شهدوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول هذا الكلام في أمير المؤمنين عليه السلام، ووصفه به، وفهموا معناه، واضطروا إلى قصده فيه، لمشاهدتهم مخارج ألفاظه ومعاينتهم إشاراته، واضطرارهم بتحصيل ذلك إلى مراده، كقيس بن سعد بن عبادة رحمه الله (1) حيث يقول في

(1) أبو عبد الملك، قيس بن سعد بن عبادة بن دليم من بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، دخل مصر في مستهل شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين واليا عليها من قبل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ثم عزله عنها، فقدم قيس المدينة، ثم لحق بالإمام عليه السلام في الكوفة، وكان على مقدمة جيش أمير المؤمنين عليه السلام يوم صفين، وكان على شرطة الخميس، ولم يزل قيس بن سعد مع علي عليه السلام حتى استشهد عليه السلام، فصار مع الإمام الحسن بن علي عليه السلام، فوجهه على مقدمته يريد الشام، وبعد أن وقعت المعاهدة بين الإمام عليه السلام ومعاوية بن أبي سفيان رجع قيس إلى المدينة، فلم يزل بها حتى توفي في آخر خلافة معاوية، أنظر الطبقات الكبرى لابن سعد 6: 52، الولاة والكتاب والقضاة: 22 - 20.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»