رسائل في الغيبة - الشيخ المفيد - ج ٢ - الصفحة ١٤
قال السائل: فقد كان يجب أن ينقل هذه الأخبار مع الشيعة غيرهم.
فقال له: هذا غير لازم ولا واجب، ولو وجب وجب أن لا يصح خبر لا ينقله المؤالف والمخالف وبطلت الأخبار كلها.
فقال السائل: فإذا كان الإمام (ع) غائبا طول هذه المدة لا ينتفع به، فما الفرق بين وجوده وعدمه.
قال له: إن الله سبحانه إذا نصب دليلا وحجة على سائر خلقه فأخافه الظالمون كانت الحجة على من أخافه لا على الله سبحانه، ولو أعدمه الله كانت الحجة على الله لا على الظالمين، وهذا الفرق بين وجوده وعدمه.
قال السائل: ألا رفعه الله إلى السماء فإذا آن قيامه أنزله؟
فقال له: ليس هو حجة على أهل السماء، إنما هو حجة على أهل الأرض، والحجة لا تكون إلا بين المحجوجين به، وأيضا فقد كان هذا لا يمتنع في العقل لو ا الأخبار الواردة أن الأرض لا تخلو من حجة، فلهذا لم يجز كونه في السماء،

إلى آخر أبياته الشعرية. وبقي على ذلك ردحا من الزمن حتى التقى الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ورأى منه علامات الإمامة وشاهد فيه دلالات الوصية، فسأله عن الغيبة، فذكر له أنها حق، ولكنها نقع في الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام، وأخبره. بموت محمد بن الحنفية وأن أباه شاهد دفنه، فرجع السيد عن مقالته واستغفر من اعتقاد، ورجع إلى الحق عند اتضاحه له " ودان بالإمامة.
وهكذا فالأمر يوضح بلا أدنى ريبة اعتقاد المسلمين بالغيبة وتواتر الأخبار عنها تجل وقوعها سواء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أو عن أهل بيته عليهم السلام، أو حتى من الخالفين لهم، ولقد أفرد علماء الشيعة الإمامية ورجالاتها مؤلفات ضخمة في هذا الأمر أقاموا فيه الحجج البينة والشواهد الثابتة التي لا تدع للتسائل منفذا.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 » »»