وهذا نظير قوله تعالى " إنما أنت منذر من يخشاها " مع أن النبي منذر كل الناس من يخشاها ومن لا يخشاها، ولكن بما أن من يخشاها أحق بالانذار لمكان استفادته منه، استحق ذكره لهذه الأولوية.
ثم ذكر نظائر أخر لهذه الآية، وأمثله عرفية تجري عليها.
الثالث: إن للخبر وجها آخر في التفسير: وهو أن المراد أن ما تركناه صدقة لا يصح لأولادنا، ولا يأكله أولادنا مطلقا بأي عنوان، حتى لو صاروا فقراء وصدق عليهم عنوان المستحقين للصدقات.
فيكون هذا الحكم خاصا بالأنبياء وأولادهم، بخلاف غير الأنبياء فإنهم لو تركوا الصدقات فهي - وإن كانت لا تدخل في الإرث - إلا أن أولادهم لو أصبحوا فقراء أو صدق عليهم عنوان المستحق أكلوا من الصدقات بذلك العنوان.
فمعنى (لا نورث) في الخبر، أي: لا يصير إلى ورثتنا على كل حال، و إطلاق كلمة (الإرث) ومشتقاتها بهذا المعنى أمر متعارف في اللغة، وإن لم يكن من مخلفات الميت، كما قال الله تعالى " وأورثكم أرضهم وديارهم " أي أوصلها إليكم، فإن ذلك لم يكن بالتوارث الشرعي.
الرابع: أن للخبر لفظا آخر، لم يرد فيه احتمال النصب، وهو:
" نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه، فهو صدقة " وقد جعل بعض العامة هذا اللفظ دليلا على صحة الرفع في اللفظ السابق، وبطلان التأويل المبتنى على النصب.
لكن الشيخ المفيد رده بأن الخبر على هذا اللفظ وإن كان لا يحتمل النصب، بل بالرفع فقط، إلا أن له معنى محتملا لا يوافق تأويل العامة، وهو: أن الذي تركناه من أموالنا وحقوقنا على الآخرين، التي أسقطناها عن ذممهم و