24 - ومنها: روي عن إسحاق السبيعي قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا بشيخ لا أعرفه ودموعه تسيل على خديه، فقلت له: يا شيخ ما يبكيك؟
فقال: إني كنت رجلا يهوديا: وكانت لي ضيعة في ناحية " سورا " (1) فدخلت الكوفة بطعام على حمير أريد بيعه، فبينا أنا أسوق الحمير إذ افتقدتها من بين يدي، وكأن الأرض ابتلعتها، فأتيت منزل الحارث الهمداني، وكان لي صديقا، وشكوت إليه ما أصابني، فأخذ بيدي ومضى بي إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته الخبر، فقال للحارث:
انصرف إلى منزلك فاني ضامن الحمير والطعام.
وأخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيدي فمضى بي حتى انتهى إلى الموضع الذي فقدت الحمير [فيه] فوجه وجهه إلى القبلة ورفع يده إلى السماء، ثم سجد وسمعته يقول:
والله ما على هذا عاهدتموني، وبايعتموني يا معشر الجن، وأيم الله لئن لم تردوا على اليهودي حميره وطعامه لأنقضن عهدكم ولأجاهدنكم في الله حق جهاده.
فوالله ما فرغ من كلامه حتى رأيت الحمير والطعام عليها تتجول حولي، فتقدم إلي يسوقها فسقتها وهو معي حتى انتهى إلى الرحبة، فقال:
يا يهودي عليك بقية من الليل فضع عن حميرك (2) حتى تصبح، فوضعت عنها.
ثم قال لي: ليس عليك بأس، ودخل المسجد، فلما فرغ من صلاته وطلعت الشمس، خرج إلي وعاونني على حمل الطعام، فبعته واستوفيت ثمنه، وقضيت حوائجي، فقلت له - عند فراغي من أمري -:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، و [أشهد] أنك عالم هذه الأمة وخليفة الله على الجن والإنس، فجزاك الله عن الاسلام وأهل الذمة خيرا.