الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ٥٨
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - يعني بيت المقدس - حتى ركبت على البراق، وإن العنان بيد جبريل (عليه السلام) وهي دابة أكبر من الحمار، وأصغر من البغل، خطوتها مد البصر، ركبت عليه وصعدت إلى السماء، وصليت بالمسلمين وبالنبيين أجمعين وبالملائكة كلهم، ورأيت الجنة وما فيها، والنار وما فيها، واطلعت على الملك كله.
فقالوا: يا محمد كذب بعد كذب، يأتينا منك مرة بعد مرة، لئن لم تنته عما تقول وتدعيه، لنقتلنك شر قتلة، أتريد أن تأفكنا عن آلهتنا وتصدنا عما يعبد آباؤنا الشم الغطاريف؟
فقال يا قوم إنما اتيتكم بالخير، ان قبلتموه، فإن لم تقبلوه فارجعوا وتربصوا اني متربص بكم أعظم مما تتربصون بي وأرجو أن أرى فيكم ما أؤمله من الله فسوف تعلمون.
فقال أبو سفيان: يا محمد إن كنت صادقا فانا قد دخلنا الشام ومررنا في طريقنا، فخبرنا عن طريق الشام وما رأينا فيه. فانا قد رأينا جميع ما ثم ونحن نعلم أنك لم تدخل الشام، فان أنت أعطيتنا علامة علمنا أنك رسول حق ونبي صدق.
فقال: والله لأخبرنكم بما رأت عيناي الساعة، رأيت عيرا لك يا أبا سفيان وهي ثلاثة وعشرون جملا يقدمها ارمك عليه عباءتان قطوانيتان، وفيهما غلامان، أحدهما صبيح والاخر رياح في موضع كذا وكذا، ورأيت عيرك يا أبا هشام بن المغيرة في موضع كذا وكذا، وهي ثلاثون بعيرا يقدمها جمل أحمر فيها مماليك أحدهم ميسرة، والآخر سالم، والثالث يزيد، وقد وقع بهم بعير بمحمله فمررت بهم وهم يحملون عليه حمله، والعير تأتيكم في يوم كذا وكذا وهي ساعة كذا وكذا، ووصف لهم جميع ما رأوه في بيت المقدس.
فقال أبو سفيان: أما ما كان في بيت المقدس فقد وصفت جميع ما
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست