خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٢ - الصفحة ١٣٢
وكان يبشر بذلك أصحابه في أيام الطاعون.
قال - رحمه الله -: وأعطاني وأهل بيته ومن يلوذ به، دعاء للحفظ من الطاعون قبل نزوله، فلما نزل هذا البلاء العظيم في الوقت الذي أخبره به، وتفرق من تمكن منه، بقي السيد في المشهد الشريف كالطود الباذخ، والجبل الراسخ، وظهر منه في تلك الأيام من قوة القلب وعلو الهمة والجد والاجتهاد والقيام بأمور المسلمين وتجهيز الأموات الذين جاوزوا حد الإحصاء - وقد بلغ عددهم في أسبوع كل يوم ألف نفس - ما تحير فيه العقول والأفكار، ولم يوفق لذلك الأمر العظيم أحد من العلماء الذين سار ذكر هم في الأقطار، وكان - رحمه الله - هو القائم بتجهيز الجميع وقد نافوا على أربعين ألف.
وكان - رحمه الله - يجيئ أول الصبح إلى الحضرة الشريفة العلوية ويزور زيارة مخففة، ثم يخرج ويقعد في إيوان الحجرة المتصلة بالباب الشرقي على يمين الداخل إلى الصحن الشريف، فيجتمع عنده الذين عين كل طائفة منهم لأمر من أمور التجهيز، فمنهم لرفع الجنائز ومنهم للتغسيل، ومنهم للدفن، ومنهم للطواف بهم، وغير ذلك، فيرسلهم إلى مشاغلهم، وعين نفسه الشريفة للصلاة على جميعهم.
وكان في أول مجيئه قد اصطف الأموات بين يديه ما بين عشرين إلى ثلاثين - وقد بلغ عددهم في يوم واحد للصلاة إلى ألف - كل على الترتيب المقرر في الشرع من غير إخلال بمستحب وأدب فيه ولا ي أمور التجهيز، فيصلي عليهم صلاة واحدة، فيؤتى بطائفة أخرى حين الصلاة، فإذا فرغ منها ورفعت الجنائز وضعت مكانها الأخرى، وهكذا. وهو واقف على قدميه إلى الزوال.
وإذا شاهد من أحد الفتور في رفع جنازة بعد الصلاة وضع عباءة على
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 131 132 133 134 135 137 138 ... » »»