وجعله المقتدى به في مكارم الأخلاق، والمشار إليه بمجانبة الأعراض التي تمنع التقديم والتأخير، وتحجزت بالتقديس والتفضيل، حتى دعانا إلى الله جل جلاله بكلام مفهوم، وكتاب عزيز (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد) (3).
فجعل الداعي منزها عن دنية تحجزه عن قول معروف، ومصونا بالعصمة عن أن ينهى عن خلق ويأتي بمثله، والرسالة مباينة عن أن يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها.
ومن على خلقه أن جعل الداعي معهودا بالمجاورة، والدعوة مشهورة بالمجاورة، وأوكد في ذلك على عباده الحجة أن دعا إلى حق لا يجمع مختلفين ولا يضم متفقين.
وجعل عباده - على اختلاف هممهم واتساع خلائقهم - بمعزل عن السبيل التي " لو اتبع الحق أهوائهم، لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن " (4) ومباينة من الحالة التي يملكون فيها لأنفسهم نفعا أو ضرا، وأوكل عجزهم (5)، وضعف آرائهم إلى أئمة أصفياء، وحفظة أتقياء، عن الله يبلغون، وإليه يدعون، وبما يأمرون به من الخيرات يعملون، وعما ينهون عنه ينتهون " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون " (6).
فالحمد لله على جميع هذه النعم الحسنة، حمدا يؤدى به الحق، ويستجلب به المزيد.
وصلى الله على محمد وآله صلاة ترفع إليه وتزكو عنده، وتدل على اشتمال الثبات، واستقرار الطويات على أنهم لله علينا حجة، وإليه لنا قادة وعليه - تبارك اسمه - أدلة، وفي دينه القيم شريعة وسالفة، وأن كلمتهم لا تبطل وحجتهم لا تدحض، وعددهم لا يختلف، ونسبهم لا ينقطع، حتى يرث الله - جل جلاله -