بعدك؟ - بأبي أنت وأمي - فقد كانت في يدي بقية من نفسي، وقد كبرت سني، ودق عظمي، وجاء أجلي، وأنا أخاف أن أبقى بعدك.
قال: فرددت عليه هذا الكلام ثلاث مرات، وهو ساكت لا يجيبني، ثم نهض في الثالثة، وقال: لا تبرح.
فدخل بيتا كان يخلو فيه، فصلى ركعتين، يطيل فيهما، ودعا فأطال الدعاء.
ثم دعاني، فدخلت عليه، فبينا أنا عنده، إذ دخل عليه العبد الصالح، وهو غلام حدث، وبيده درة، وهو يبتسم ضاحكا.
فقال له أبوه: بأبي أنت وأمي، ما هذه المخفقة التي أراها بيدك؟
فقال: كانت مع إسحاق يضرب بها بهيمة له، فأخذتها منه.
فقال: أدن مني.
فالتزمه، وقبله، وأقعده إلى جانبه، ثم قال: إني لأجد بابني هذا ما كان يعقوب يجد بيوسف.
قال: فقلت: بأبي أنت وأمي، زدني.
فقال: ما نشأ فينا - أهل البيت - ناشئ مثله.
قال: فقلت: زدني.
قال: فقال: ترى ابني هذا؟ إني لأجد به كما كان أبي يجد بي.
قال: قلت: يا سيدي زدني.
قال: إن أبي كان إذا دعا، فأحب أن يستجاب له، وقفني عن يمينه، ثم دعا وأمنت، وإني لأفعل ذلك بابني هذا، ولقد ذكرتك أمس في الموقف فدعوت لك - كما كان أبي يدعو لي - وابني هذا يؤمن، وإني لا أحتشم منه كما كان أبي لا يحتشم مني.
قال: فقلت: يا سيدي زدني.
قال: أترى ابني هذا؟ إني لأئتمنه على ما كان أبي يأتمنني عليه.
فقلت: يا مولاي، زدني.
فقال: إن أبي كان إذا خرج إلى بعض أرضه، أخرجني معه فرآني أنعس في