كان ما وقع منه - من غسل الرجل - جزءا للعمل أو خارجا منه لضرورة التطهير مثلا، كما إذا كانت الرجل محتاجة إلى الغسل لإماطة نجاسة ظاهرية أو مانع عن مسح البشرة، ونحو ذلك فإن عمل الغسل ودخوله في خصوص هذا العمل لا يدل على دخوله في خصوص فرض الوضوء، لأنه أعم كما ذكرنا.
ثم إن إطلاق كلمة (الوضوء) على مجموع ما هو داخل في فرض الوضوء، وما هو خارج عنه، باعتبار الجموع أمر متعارف، وفيه من المسامحة العرفية ما هو متداول، لأن اللوازم القريبة والمقدمات اللازمة التي يتوقف عليها العمل، تدخل في التعبير به، للمناسبة اللغوية، وإن لم تكن داخلة في حقيقة لفظه.
٢ - بالنقض على الخبر، بالأخبار التي تدل على عدم اشتراط غسل الرجلين في الوضوء.
وقد نقل الشيخ المفيد تلك الأخبار الناقضة من طرق المخالفين لتكون أتم في الحجة على الخصم وإلزامه بما يلتزم هو به.
ثم إن الخصم عمد إلى رواية نسبها إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام، وفيها: (إنه توضأ ومسح على رجليه، وقال: هذا وضوء من لم يحدث) وجعلها دليلا على رأيه القائل بأن الغسل واجب في الوضوء، وذلك لأن قوله: (من لم يحدث) معناه: من لم يصدر منه الحدث الناقض للطهارة، فيكون الوضوء المجرد من غسل الرجل، والمحتوى على مجرد المسح وضوءا غير رافع للحدث.
ورد الشيخ المفيد بأن ظاهر الرواية: أنه أخبر عن أن الوضوء المشتمل على مسح الرجلين هو الوضوء الذي لم يتغير ولم يدخله إحداث أو تغيير، فيكون الوضوء بغسل الرجلين وضوءا محدثا مبتدعا، حيث لم يجئ به كتاب ولا