فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - جمع أحمد بن عبد الرزاق الدويش - ج ٧ - الصفحة ٢٢٣

وكثير من الناس يصلي في قيام رمضان صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقرا، وذلك لا يجوز بل هو منكر لا تصح معه الصلاة، لأن الطمأنينة ركن في الصلاة لابد منه، كما دل عليه الحديث المذكور آنفا فالواجب الحذر من ذلك، وفي الحديث عنه؟؟؟ أنه قال: " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته " قالوا: يا رسول الله: كيف يسرق صلاته؟ قال: " لا يتم ركوعها ولا سجودها " وثبت عنه؟؟؟ أنه أمر الذي نقر صلاته أن يعيدها.
فيا معشر المسلمين عظموا الصلاة وأدوها كما شرع الله واغتنموا هذا الشهر العظيم وعظموه رحمكم الله بأنواع العبادات والقربات وسارعوا فيه إلى الطاعات فهو شهر عظيم جعله الله ميدانا لعباده يتسابقون إليه فيه بالطاعات ويتنافسون فيه بأنواع الخيرات. فأكثروا فيه رحمكم الله من الصلاة والصدقات وقراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، والإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام، وقد كان رسول الله؟؟؟ أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان فاقتدوا به رحمكم الله في مضاعفة الجود والإحسان في شهر رمضان، وأعينوا إخوانكم الفقراء على الصيام والقيام واحتسبوا أجر ذلك عند الملك العلام واحفظوا صيامكم عما حرمه الله عليكم من الأوزار والآثام، فقد صح عن النبي؟؟؟ أنه قال: " من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " وقال عليه الصلاة والسلام: " الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن امرؤ سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم ".
وجاء عنه؟؟؟ أنه قال: " ليس الصيام عن الطعام والشراب وإنما الصيام من اللغو والرفث " وخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد رضى الله عنه قال: قال رسول الله؟؟؟ " من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ منه كفر ما قبله ".
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء).
ومن أهم الأمور التي يجب على المسلم العناية بها والمحافظة عليها في رمضان وفي غيره: الصلوات الخمس في أوقاتها، فإنها عمود الإسلام وأعظم الفرائض بعد الشهادتين، وقد عظم الله شأنها وأكثر من ذكرها في كتابه العظيم فقال {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} وقال تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون} والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال النبي؟؟؟ " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: " من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف "، ومن أهم واجباتها في حق الرجال أداؤها في الجماعة، كما جاء في الحديث عن النبي؟؟؟ أنه قال: " من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " وجاءه؟؟؟ رجل أعمى فقال: يا رسول الله إني رجل شاسع الدار عن المسجد وليس لي قائد يلائمني فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي؟؟؟ " هل تسمع النداء بالصلاة " قال: نعم قال: " فأجب " خرجه مسلم في صحيحه.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) فاتقوا الله عباد الله في صلاتكم وحافظوا عليها في الجماعة، وتواصوا بذلك في رمضان وغيره تفوزوا بالمغفرة ومضاعفة الأجر وتسلموا من غضب الله وعقابه ومشابهة أعدائه من المنافقين.
وأهم الأمور بعد الصلاة الزكاة فهي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله؟؟؟ فعظموها كما عظمها الله، وسارعوا إلى إخراجها وقت وجوبها وصرفها إلى مستحقيها عن إخلاص لله عز وجل وطيب نفس وشكر للمنعم سبحانه، واعلموا أنها زكاة وطهرة لكم ولأموالكم وشكر للذي أنعم عليكم بالمال ومواساة لإخوانكم الفقراء، كما قال الله عز وجل {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وقال سبحانه وتعالى {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}، وقال النبي؟؟؟ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن " إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم فإن أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " متفق على صحته.
وينبغي للمسلم في هذا الشهر الكريم التوسع في النفقة والعناية بالفقراء والمتعففين وإعانتهم على الصيام والقيام تأسيا برسول الله؟؟؟ وطلب المرضاة الله سبحانه وشكرا لإنعامه، وقد وعد الله سبحانه عباده المتقين بالأجر العظيم والخلف الجزيل، فقال سبحانه {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا} وقال تعالى {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}.
واحذروا رحمكم الله كل ما يجرح الصوم وينقص الأجر ويغضب الرب عز وجل من سائر المعاصي، كالربا والزنا والسرقة وقتل النفس بغير حق وأكل أموال اليتامى، وأنواع الظلم في النفس والمال والعرض والغش في المعاملات والخيانة للأمانات وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم والشحناء والتهاجر في غير حق الله سبحانه وشرب المسكرات وأنواع المخدرات كالقات والدخان، والغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور والدعاوى الباطلة والأيمان الكاذبة وحلق اللحى وتقصيرها وإطالة الشوارب والتكبر وإسبال الملابس واستماع الأغاني وآلات الملاهي وتبرج النساء وعدم تسترهن من الرجال، والتشبه بنساء الكفرة في لبس الثياب القصيرة وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله. وهذه المعاصي التي ذكرنا محرمة في كل زمان ومكان، ولكنها في رمضان أشد تحريما وأعظم إثما لفضل الزمان وحرمته، فاتقوا الله أيها المسلمون واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره، وتواصوا بذلك وتعاونوا عليه وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر لتفوزوا بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة. والله المسؤول أن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من أسباب غضبه، وأن يتقبل منا جميعا صيامنا وقيامنا، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين وأن ينصر بهم دينه ويخذل بهم أعداءه، وأن يوفق الجميع للفقه في الدين والثبات عليه والحكم به والتحاكم إليه في كل شيء، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 223 230 231 232 233 234 ... » »»