إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ١٥٨
(قوله: حتى في الإعارة لدفن ميت) أي لا يجوز الرجوع، حتى في الإعارة لدفن ميت. وقوله قبل مواراته، متعلق برجوع، أو بجاز (قوله: ولو بعد وضعه في القبر) غاية لجواز الرجوع قبل المواراة. قال سم: المتجه عدم الرجوع بمرجد إدلائه، أي وإن لم يصل إلى أرض القبر، لان في عوده من هواء القبر بعد إدلائه، إذراء به. اه‍. قال ع ش: وقوله بمجرد إدلائه، أي أو بعضه، فيما يظهر. اه‍. (قوله: لا بعد المواراة) أي ليس له الرجوع بعد المواراة، وقوله حتى يبلى، أي يندرس قال سم، قضيته امتناع الرجوع مطلقا فيمن لا يندرس، كالنبي، والشهيد. اه‍. وقوله كالنبي الشهيد، أو ونحوهما من كل من لا تأكل الأرض جسده. وقد نظمهم بعضهم بقوله:
لا تأكل الأرض جسما للنبي ولا لعالم، وشهيد قتل معترك ولا لقارئ قرآن، ومحتسب أدانه، لا له مجرى الفلك ونظمهم الشمس البرلسي بقوله:
أبت الأرض أن تمزق لحما * لشهيد، وعالم، ونبي وكذا قارئ القرآن، ومن أذن * لله حسبة دون شي (قوله: ولا رجوع لمستعير الخ) شروع في ذكر مسائل مستثناة من جواز الرجوع لهما، ومما استثنى أيضا منه غير الذي ذكره، ما إذا أعار كفنا وكفن فيه ميت، وإن لم يدفن، فلا رجوع له، لان في أخذه إزراء بالميت بعد الوضع. قال ع ش: ويتجه عدم الفرق في الامتناع بين الثوب الواحد والثلاث، بل والخمس، بخلاف ما زاد. ومنه، ما لو قال أعيروا داري بعد موتي شهرا، لم يكن للوارث الرجوع قبله، إن خرجت أجرته من الثلث ومنه، ما لو أعار دابة أو سلاحا للغزو، فالتقى الصفان، فليس له الرجوع في ذلك، حتى ينكشف القتال ومنه، لو أعاره السترة للصلاة فلا يجوز الرجوع فيها، إذا كانت الصلاة فرضا، وشرع فيها، بل هي لازمة من جهتهما، فإن كانت الصلاة نفلا أو فرضا ولم يحرم بها، جاز للمعير الرجوع فيها. ومنه، ما لو أعار ما يدفع به عما يجب الدفع عنه، كسلاح أو ما بقي نحو برد مهلك، أو ما ينقذ به غريقا.
ومنه ما لو أعار أرضا للزرع، فيمتنع الرجوع حتى يبلغ أوان قلعه، إن لم يقصر بتأخيره، فإن قصر، فله الرجوع، حتى لو عين مدة، ولم يدرك فيها الزرع، لتقصير من المستعير قلعه المعير مجانا (قوله: حيث تلزمه الاستعارة كإسكان معتدة) أي فلو استعار دارا لسكن معتدة، فليس له الرد، لأنها لازمة من جانبه (قوله: ولا لمعير في سفينة الخ) أي ولا رجوع لمعير في سفينة أعارها لوضع متاع فيها قبل وصولها للشط (قوله: وبحث ابن الرفعة أن له) أي للمعير الأجرة فيها: أي من حين الرجوع. وفي البجيرمي: ومقتضى لزوم الأجرة أنه يصح رجوعه. ومقتضى كلام الشارح أنه لا يصح رجوعه إلا بعد وصولها للشط، إلا أن يراد بالرجوع في كلامه، تفريغ المال منها، لا الرجوع بالقول. وضعف س ل كلام الشرح، وقال، الصحيح أنه له الرجوع قبل الشط، ويستحق الأجرة اه‍. وفي سم ما نصه، وظاهر هذه العبارة المذكورة في هذا المقام أنه حيث قيل بوجوب الأجرة: لا يتوقف وجوبها على عقد، بل حيث رجع: وجب له أجرة مثل كل مدة مضت، ولا يبعد أنه حيث وجبت الأجرة صارت العين أمانة، لأنها وإن كانت عارية صار لها حكم المستأجرة الخ. اه‍ (قوله: ولا في جذع الخ) أي رجوع لمعير في جذع أعاره لدعم جدار، أي لاسناد جدار مائل بعد استناده به (قوله: وله الأجرة) أي ويستحق الأجرة من حين الرجوع في الجذع. وفي ع ش ما نصه.
(فائدة) كل مسألة امتنع على المعير الرجوع فيها، تجب له الأجرة إذا رجع، إلا في ثلاث مسائل: إذا أعار أرضا للدفن فيها، فلا رجوع له قبل اندراس الميت، ولا أجرة له إذا رجع، ومثلها: إعارة الثوب للتكفين فيه، لعدم جريان
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست