إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٣٧٨
ويزيل الممالك ويقهر كل سلطان ويبسط العدل ويميت الجور، فمن هذه صفته يخاف جانبه وتتقى فورته فيتبع ويوصل ويوضع العيون عليه، ويعنى به خوفا من وثبته ورهبة من تمكنه، فيخاف حينئذ ويخرج إلى التحرز والاستظهار بأن يخفى شخصه عن كل من لا يأمنه من ولي وعدو إلى وقت خروجه.
(وأيضا) فآباؤه إنما ظهروا لأنه كان المعلوم أنه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسد مسده من أولادهم وليس كذلك صاحب الزمان (عج) لأن المعلوم أنه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف، فلذلك وجب استتاره وغيبته، وفارق حاله حال آبائه، وهذا واضح بحمد الله.
فإن قيل: بأي شئ يعلم زوال الخوف وقت ظهوره، بالوحي من الله فالإمام لا يوحى إليه، أو بعلم ضروري فذلك ينافي التكليف، أو بأمارة توجب غلبة الظن ففي ذلك تقرير بالنفس.
قلنا: عن ذلك جوابان:
(أحدهما) أن الله أعلمه على لسان نبيه وأوقفه عليه من جهة آبائه زمان غيبته المخوفة وزمان زوال الخوف عنه، فهو يتبع في ذلك ما شرع له وأوقف عليه، وإنما أخفى ذلك عنا لما فيه من المصلحة، فأما هو فعالم به لا يرجع إلى الظن.
(والثاني) أنه لا يمتنع أن يغلب على ظنه بقوة الأمارات بحسب العادة قوة سلطانه، فيظهر عند ذلك ويكون قد أعلم أنه متى غلب في ظنه كذلك وجب عليه، ويكون الظن شرطا والعمل عنده معلوما، كما تقوله في تنفيذ الحكم عند شهادة الشهود، والعمل على جهات القبلة بحسب الأمارات والظنون، وإن كان وجوب التنفيذ للحكم والتوجه إلى القبلة معلومين وهذا واضح بحمد الله (1).
وأما ما روي من الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة، وصعوبة الأمر عليهم واختيارهم للصبر عليه، فالوجه فيها الإخبار عما يتفق من ذلك من الصعوبة والمشاق، لا أن الله تعالى غيب الإمام ليكون ذلك، وكيف يريد الله ذلك وما ينال المؤمنين من جهة الظالمين ظلم منهم لهم ومعصية والله لا يريد ذلك، بل سبب الغيبة هو الخوف على ما قلناه، وأخبروا

1 - غيبة الطوسي: 331.
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»