الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٨٦
وذكر بن وهب في كتاب الترغيب من جامعه قال قيل لمالك أترى أن نقرأ بمثل ما قرأ به عمر بن الخطاب فامضوا إلى ذكر الله بدلا من قوله * (فاسعوا إلى ذكر الله) * [الجمعة 9] فقال ذلك جائز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤ منها ما تيسر وقال مالك لا أرى باختلافهم في مثل هذا بأسا قال وقد كان الناس ولهم مصاحف والستة الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب كانت لهم مصاحف قال بن وهب وسألت مالكا عن مصحف عثمان فقال ذهب قال أبو عمر قراءة عمر فامضوا إلى ذكر الله [الجمعة 9] هي قراءة بن مسعود وهذه الرواية عن مالك خلاف رواية بن القاسم وخلاف ما عليه جماعة الفقهاء أنه لا يقرأ في الصلاة بغير ما في مصحف عثمان بأيدي الناس فلذلك قال مالك الذي في رواية أصحابه عنه غير بن وهب أنه لا يقرأ بحرف بن مسعود لأنه خلاف ما في مصحف عثمان روى عيسى عن بن القاسم في المصحف بقراءة بن مسعود قال أرى أن يمنع الناس من بيعه ويضرب من قرأ به ويمنع من ذلك قال أبو عمر الذي عليه جماعة الأمصار من أهل الأثر والرأي أنه لا يجوز لأحد أن يقرأ في صلاته نافلة كانت أو مكتوبة بغير ما في المصحف المجتمع عليه سواء كانت القراءة مخالفة له منسوبة لابن مسعود أو إلى أبي أو إلى بن عباس أو إلى أبي بكر أو عمر أو مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجائز عند جميعهم القراءة بذلك كله في غير الصلاة وروايته والاستشهاد به على معنى القرآن ويجري عندهم مجرى خبر الواحد في السنن لا يقطع على عينه ولا يشهد به على الله تعالى كما يقطع على المصحف الذي عند جماعة الناس من المسلمين عامتهم وخاصتهم مصحف عثمان وهو المصحف الذي يقطع به ويشهد على الله عز وجل وبالله التوفيق قال أبو عمر قد ذكرنا في التمهيد ما في سورة الفرقان من اختلاف القراءات عن السلف والخلف لأن حديث مالك ورد بذكر سورة الفرقان خاصة فذكرنا ما فيها من اختلاف حروفها مستوعبا بذلك والحمد لله وفي هذا الحديث ما يدل على أن في جبلة الإنسان وطبعه وإن كان فاضلا
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»