البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٨٤
اختاره لتجتمع عزيمته ا ه‍. وزاد في شرح المنية أنه لم ينقل عن الأئمة الأربعة أيضا فتحرر من هذا أنه بدعة حسنة عند قصد جمع العزيمة، وقد استفاض ظهور العمل بذلك في كثير من الاعصار في عامة الأمصار، فلعل القائل بالسنية أراد بها الطريقة الحسنة لا طريقة النبي صلى الله عليه وسلم. بقي الكلام في كيفية التلفظ بها، ففي المحيط: ينبغي أن يقول اللهم أني أريد صلاة كذا فيسرها لي وتقبلها مني. وهكذا في البدائع والحاوي. وفي القنية: إذا أراد النفل أو السنة يقول اللهم إني أريد الصلاة فيسرها لي وتقبلها مني. وفي الفرض: اللهم أني أريد أن أصلي فرض الوقت أو فرض كذا فيسره لي وتقبله مني. وفي صلاة الجنازة اللهم أني أريد أن أصلي لك وأدعوا لهذا الميت فيسره لي وتقبله مني. والمقتدي يقول اللهم أني أريد أن أصلي فرض الوقت متابعا لهذا الإمام فيسره لي وتقبله مني ا ه‍. وهذا كله يفيد أن التلفظ بها يكون بهذه العبارة لا بنحو نويت أو أنوي كما عليه عامة المتلفظين بالنية من عامي وغيره، ولا يخفى أن سؤال التوفيق والقبول شئ آخر غير التلفظ بها على أنه قد ذكر غير واحد من مشايخنا في وجه ما ذكره محمد في كتاب الحج أن الحج لما كان مما يمتد ويقع فيه العوارض والموانع وهو عبادة عظيمة تحصل بأفعال شاقة استحب طلب التيسير والتسهيل من الله تعالى ولم يشرع مثل هذا الدعاء في الصلاة لأن أداءها في وقت يسير ا ه‍. وهو صريح في نفي قياس الصلاة على الحج. وفي المجتبى: من عجز من احضار القلب في النية يكفيه اللسان ا ه‍. وظاهره أن فعل اللسان يكون بدلا عن فعل القلب، ومن المعلوم أن نصب الابدال بالرأي لا يجوز في القنية: عزم على صلاة الظهر وجرى على لسانه نويت صلاة العصر يجزئه.
قوله: (ويكفيه مطلق النية للنفل والسنة والتراويح) أما في النفل فمتفق عليه لأن مطلق اسم الصلاة ينصرف إلى النفل لأنه الأدنى فهو متيقن والزيادة مشكوك فيها، ولا فرق بين أن ينوي الصلاة أو الصلاة لله لأن المصلي لا يصلي لغير الله. وأما في السنة والتراويح فظاهر الرواية ما في الكتاب كما في الذخيرة والتجنيس وجعله في الهداية هو الصحيح. وفي المحيط: إنه قول عامة المشايخ وفي منية المفتي وخزانة الفتاوى: إنه المختار، ورجحه في فتح القدير ونسبه إلى المحققين بأن معنى السنة كون النافلة مواظبا عليها من النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفريضة
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست