البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٧٨
يسل فإنه يصلي قاعدا موميا لأن ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث، ألا ترى أن ترك السجود جائز حالة الاختيار في التطوع على الدابة، ومع الحدث لا يجوز بحال. فإن قام وقرأ وركع ثم قعد وأومأ للسجود جاز لما قلنا والأول أفضل، وكذا شيخ لا يقدر على القراءة قائما ويقدر عليها قاعدا يصلي قاعدا لأنه يجوز حالة الاختيار في النفل ويجوز ترك القراءة بحال، ولو صلى في الفصلين قائما مع الحدث وترك القراءة لم يجز.
قوله: (ولو عدم ثوبا صلى قاعدا موميا بركوع وسجود وهو أفضل من القيام بركوع وسجود) لما عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبوا في السفينة فانكسرت بهم فخرجوا من البحر عراة فصلوا قعودا بإيماء. أراد بالثوب ما يستر عامة عورته ولو حريرا أو حشيشا أو نباتا أو كلا أو طينا يلطخ به عورته ويبقى عليه حتى يصلي لا الزجاج الذي يصف ما تحته. والعدم المذكور يثبت بعدم الوجود في ملكه وبعدم الإباحة له حتى لو أبيح له ثوب تثبت القدرة به على الأصح، فلو صلى عاريا لم يجز كالمتيمم إذا أبيح له الماء. وعن محمد في العريان يعده صاحبه أنه يعطيه الثوب إذا صلى فإنه ينتظره ولا يصلي عريانا وإن خاف فوت الوقت. كذا في السراج الوهاج. وفي القنية عن أبي حنيفة: ينتظره ما لم يخف فوت الوقت وأبو يوسف مع أبي حنيفة. وينبغي ترجيحه قياسا على المتيمم إذا كان يرجو الماء في آخره.
وأطلق في الصلاة قاعدا فشمل ما إذا كان نهارا أو ليلا في بيت أو صحراء وهو الصحيح كما بينه في منية المصلي، ومن المشايخ من خصه بالنهار، أما في الليل فيصلي قائما لأن ظلمة الليل تستر عورته. قال في الذخيرة: وهذا ليس بمرضي لأن الستر الذي يحصل في ظلمة الليل لا عبرة به، ألا ترى أن حالة القدرة على الثوب إذا صلى عريانا في ظلمة الليل لا يجوز فصار وجوده وعدمه بمنزلة واحدة ا ه‍. وتعقبه في شرح منية المصلي بأن الاستشهاد المذكور غير متجه للفرق بين حالة الاختيار وحالة الاضطرار وأطال إلى أن قال: ويؤيده ما أخرجه عبد الرزاق سئل علي رضي الله عنه عن صلاة العريان قال: إن كان حيث يراه الناس صلى جالسا، وإن كان حيث لا يراه الناس صلى قائما. وهو وإن كان سنده ضعيفا فلا يقصر عن إفادة الاستئناس. وأما واقعة الصحابة المتقدمة فقد تطرق إليها احتمالات، إما لأنهم اختاروا الأولى لما فيه من تقليل الانكشاف أو لأنهم كانوا مترائين أو لم يكن ليلا فسقط بها الاستدلال، ولم يبين المصنف صفة القعود للاختلاف فيها. ففي منية المصلي: يقعد كما يقعد في الصلاة.
فعلى هذا يختلف في الرجل والمرأة، فهو يفترش وهي تتورك. وفي الذخيرة: يقعد ويمد
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست