البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٣٥
عموم الوقت هو إخراجه الأوقات الثلاثة من عموم وقت التذكر في حق الصلاة الفائتة كما أن تخصيص الآخر هو إخراج الفوائت عن عموم منع الصلاة في الأوقات الثلاثة، وحينئذ فيتعارضان في الفائتة في الأوقات المكروهة إذ تخصيص حديث عقبة يقتضي إخراجها عن الحل في الثلاثة، وتخصيص حديث التذكر للفائتة من عموم الصلاة يقتضي حلها فيها، ويكون إخراج حديث عقبة أولى لأنه محرم. وأخرج أيضا النوافل بمكة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار وجوابه أنه عام في الصلاة والوقت فيتعارض عمومهما في الصلاة، ويقدم حديث عقبة لما قلنا. وكذا يتعارضان في الوقت إذ الخاص يعارض العام عندنا، وعلى أصولهم يجب أن يخص منه حديث عقبة في الأوقات الثلاثة لأنه خاص فيها. وأخرج أبو يوسف منه النفل يوم الجمعة وقت الزوال لما رواه الشافعي في مسنده: نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة. وجوابه أن الاستثناء عندنا تكلم بالباقي فيكون حاصله نهيا مقيدا بكونه بغير يوم الجمعة فيقدم عليه حديث عقبة المعارض له فيه لأنه محرم، وبحث فيه المحقق ابن الهمام بأنه يحمل المطلق على المقيد لاتحادهما حكما وحادثة ولم يجب عنه، فظاهر ترجيح قول أبي يوسف فلذا قال في الحاوي: وعليه الفتوى كما عزاه له ابن أمير حاج في شرح المنية.
وفي العناية: أن حديث أبي يوسف منقطع أو معناه ولا يوم الجمعة، واستثنى المصنف من المنع عصر يومه فأفاد أنه لا يكره أداؤه وقت التغير، وقد قدمنا أن المكروه إنما هو تأخيره لا أداؤه لأنه أداه كما وجب لأن سبب الوجوب آخر الوقت إن لم يؤد قبله وإلا فالجزء المتصل بالأداء وإلا فجميع الوقت. وعلل المصنف في كافيه بأنه لا يستقيم إثبات الكراهة للشئ لأنه مأمور به، وقيل الأداء مكروه أيضا اه‍. وعلى هذا مشى في شرح
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست