وتتحلل به من إحرامها بطواف الزيارة وعليها بدنه كطواف الجنب كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى. وعلل للمنع صاحب الهداية بأن الطواف في المسجد وكان الأولى عدم الاقتصار على هذا التعليل فإن حرمة الطواف جنبا ليس منظورا فيه إلى دخول المسجد بالذات بل لأن الطهارة واجبة في الطواف، فلو لم يكن ثمة مسجد حرم عليها الطواف. كذا في فتح القدير وغيره. وقد يقال: إن حرمة الطواف عليها إنما هي لأجل كونه في المسجد، وأما إذا لم يكن الطواف في المسجد بل خارجه فإنه مكروه كراهة تحريم لما عرف من أن الطهارة له واجبة على الصحيح فتركها يوجب كراهة التحريم ولا يوجب التحريم إلا ترك الفرض، ولو حاضت بعدما دخلت وجب عليها أن لا تطوف وحرم مكثها كما صرحوا به.
قوله: (وقربان ما تحت الإزار) أي ويمنع الحيض قربان زوجها ما تحت إزارها، أما حرمة وطئها عليه فمجمع عليها لقوله تعالى * (ولا تقربوهن حتى يطهرن) * (البقرة: 222) ووطؤها في الفرج عالما بالحرمة عامدا مختارا كبيرة لا جاهلا ولا ناسيا ولا مكرها فليس عليه إلا التوبة والاستغفار. وهل يجب التعزير أم لا؟ ويستحب أن يتصدق بدينار أو نصفه، وقيل بدينار إن كان أول الحيض، ونصفه إن وطئ في آخره كأن قائله رأى أن لا معنى للتخيير بين القليل والكثير في النوع الواحد، ومصرفة مصرف الزكاة كما في السراج الوهاج. وقيل إن كان الدم أسود يتصدق بدينار وإن كان أصفر فبنصف دينار، ويدل له ما رواه أبو داود والحاكم وصححه إذا واقع الرجل أهله وهي حائض إن كان دما أحمر فليتصدق بدينار وإن كان أصفر فليتصدق بنصف دينار. وفي السراج الوهاج: وإذا أخبرته بالحيض قال بعضهم:
إن كانت فاسقة لا يقبل قولها وإن كانت عفيفة يقبل قولها وترك وطأها. وقال بعضهم: إن كان صدقها ممكنا بأن كانت في أوان حيضها قبلت ولو كانت فاسقة كما في العدة وهذا القول أحوط وأقرب إلى الورع اه. فعلم من هذا أنها إذا كانت فاسقة ولم يغلب على ظنه صدقها بأن كانت في غير أوان حيضها لا يقبل قولها اتفاقا كما قالوا في أخبار الفاسق إنه يشترط لوجوب العمل به أن يغلب على الظن صدقه، وبهذا علم أن ما في فتح القدير من أن الحرمة تثبت بإخبارها وأن كذبها ليس على إطلاقه بل إذا كانت عفيفة أو غلب على الظن صدقها بخلاف من علق به طلاقها فأخبرته به فإنه يقع الطلاق عليه وإن كذبها مطلقا لتقصيره في تعليقه بما لا يعرف إلا من جهتها. وهذا إذا وطئها غير مستحل فإن كان مستحلا له فقد جزم صاحب المبسوط والاختيار وفتح القدر وغيرهم بكفره، وذكره القاضي الأسبيجابي بصيغة وقيل وصحح أنه لا يكفر. صاحب الخلاصة: ويوافقه ما نقله أيضا من الفصل الثاني في ألفاظ الكفر من اعتقد الحرام حلالا أو على القلب يكفر إذا كان حراما لعينه وثبتت حرمته بدليل مقطوع به، أما إذا كان حراما لغيره بدليل مقطوع به أو حراما لعينه بأخبار الآحاد لا يكفر إذا اعتقده حلالا اه. فعلى هذا لا يفتى بتكفير مستحله لما في الخلاصة أن