البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٠
فلا يجب بل يندب غسله، وكذا يجب غسل ما كان مركبا على اليد من الإصبع الزائدة والكف الزائدة والسلعة، وكذا يجب إيصال الماء إلى ما بين الأصابع إذا لم تكن ملتحمة.
قوله: (ورجليه بكعبيه) أي مع كعبيه كما تقدم. والكعبان هما العظمان الناشزان من جانبي القدم أي المرتفعان. كذا في المغرب وصححه في الهداية وغيرها. وروى هشام عن محمد أنه في ظهر القدم عند معقد الشراك قالوا: هو سهو من هشام لأن محمدا إنما قال ذلك في المحرم إذا لم يجد النعلين حيث يقطع خفيه أسفل من الكعبين وأشار محمد بيده إلى موضع القطع فنقله هشام إلى الطهارة. ويرد على هشام من جهة المعنى أيضا بأن ما يوجد من خلق الانسان فإن تثنيته بعبارة الجمع كقوله تعالى * (فقد صغت قلوبكما) * (التحريم: 4) أي قلبا كما، وما كان اثنين من خلقه فتثنيته بلفظها، ولو كان كما زعمه هشام لقيل الكعاب كالمرافق. كذا في المبسوط وغيره. وقد يقال أنه غير متعين لجواز أن يعتبر الكعبان بالنسبة إلى ما للمرء من جنس الرجل وهو اثنان لا بالنظر إلى كل رجل وحدها، فالأولى الرد عليه من اللغة والسنة، أما اللغة فقد صرح في الصحاح بأنه العظم الناشز كما ذكرناه قال: وأنكر الأصمعي قول الناس أنه في ظهر القدم اه‍. قالوا: الكعب في كلام العرب مأخوذ من العلو ومنه سميت الكعبة لارتفاعها. وأما السنة فما رواه أبو داود مرفوعا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم. قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه. وما وقع في الشروح من أنه كان ينبغي غسل يد واحدة ورجل واحدة لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي انقسام الآحاد على الآحاد، والجواب بأن وجوب واحدة بالعبارة والأخرى بالدلالة طائل تحته بعد انعقاد الاجماع القطعي على افتراضهما بحيث صار معلوما من الدين بالضرورة، ومن البحث في إلى وفي القراءتين في الأرجل فإن الاجماع انعقد على غسلهما، ولا اعتبار بخلاف الروافض فلذا تركنا ما قرروه هنا، والزائد على الرجلين كالزائد على اليدين كما صرح به في المجتبى، ولو قال ورجليه بكعبيه أو مسح على خفيه لكان أولى.
قوله: (ومسح ربع رأسه) هو في اللغة إمرار اليد على الشئ، واصطلاحا إصابة اليد المبتلة العضو ولو ببلل باق بعد غسل لا بعد مسح. والآلة لم تقصد إلا للايصال إلى المحل فإذا
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست