البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٢
مفض إلى الوجوب والوجوب إلى الوجود والمفضي إلى المفضي إلى الشئ مفض إلى ذلك الشئ فالحدث مفض إلى وجود الطهارة، ووجودها مفض إلى زوال الحدث فالحدث مفض إلى زوال نفسه ا ه‍. وفي فتح القدير: والأولى أن يقال: السببية إنما تثبت بدليل الجعل لا بمجرد التجويز وهو مفقود ا ه‍. وقد يدفع بأنه موجود لما رواه في الكشف الكبير عنه عليه الصلاة والسلام لا وضوء إلا عن حدث وحرف عن يدل على السببية كقوله أدوا عمن تمونون ولذا كان الرأس بوصف المؤنة والولاية سببا لوجوب صدقة الفطر. ويمكن أن يجاب عنه بأن الدليل لما دل على عدم صلاحية الحدث للسببية كان دخول عن علي الحدث باعتبار أنه شبيه بالسبب بالنظر إلى التوقف والتكرر دليل السببية عند الصلاحية وهي منتفية فلا تدل.
وقيل سببها إقامة الصلاة فهو وإن صححه في الخلاصة فقد نسبه في العناية إلى أهل الظاهر، وصرح في غاية البيان بفساده لصحة الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات ما دام متطهرا. وقد يدفع بأن الإقامة سبب بشرط الحدث فلا يلزم ما ذكر خصوصا أنه ظاهر الآية. وقيل سببها إرادة الصلاة وهو وإن صححه في الكشف وغيره مردود بأن مقتضاه أنه إذا أراد الصلاة ولم يتوضأ أثم ولو لم يصل، والواقع خلافه لأنه لم يقل به أحد كما أشار إليه في فتح القدير.
وقد يدفع بما ذكره الزيلعي في باب الظهار بأنه إذا أراد الصلاة وجبت عليه الطهارة فإذا رجع وترك التنفل سقطت الطهارة لأن وجوبها لأجلها وفي العناية سببها وجوب الصلاة لا وجودها لأن وجودها مشروط بها فكان متأخرا عنها والمتأخر لا يكون سببا للمتقدم ا ه‍.
يعني الأصل أن يكون وجودها هو السبب بدليل الإضافة نحو طهارة الصلاة وهي عندهم من إمارة السببية لكن منع مانع من ذلك، وظاهره أنه بدخول الوقت تجب الطهارة لكنه وجوب موسع كوجوب الصلاة فإذا ضاق الوقت صار الوجوب فيهما مضيقا وحينئذ فلا حاجة إلى جعل سببها وجوب أداء الصلاة كما في فتح القدير، لما علمت أن أصل الوجوب كاف للسببية إلا أنه مشكل لعدم شموله سبب الطهارة للصلاة النافلة إذ لا وجوب هنا ليكون
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست