المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ٨٥
بالقتل ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة والمراد ايجاب الكفارة بالقتل لا بصفة الخطأ لأنه عذر مسقط وربما يقول المراد بالخطأ ما يضاد الصواب قال الله تعالى ان قتلهم كان خطأ كبيرا أي ضد الصواب ويقال فلان أخطأ في مسألة كذا إذا لم يصب والعمد ضد الصواب فتتناوله الآية والدليل عليه قوله تعالى فإن كان من قوم عدو لكم الآية وإنما يقتل المرء عدوه عمدا فعرفنا ان المراد ايجاب الكفارة بقتل العمد وفي حديث وائلة ابن الأسقع قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاحب لنا أوجب القتل بالنار فقال عليه السلام أعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار وايجاب النار إنما يكون بقتل العمد والمعنى فيه أنه قتل آدمي مضمون فيكون موجبا للكفارة كالخطأ وشبه العمد وهذا على أصله صحيح لان اثبات الكفارة بالقياس جائز والزيادة على النص بالقياس جائزة عنده وقياس المنصوص على المنصوص مستقيم عنده وشئ من ذلك لا يجوز عندنا صحيح علينا نفصل الخطأ على طريق الاستدلال وهو أن الكفارة إنما وجبت على الخاطئ لأنه نقص بفعله من عدد المسلمين أحدهم ممن كان يحضر الجمعة والجماعات فعليه إقامة نفس مقامها وليس في وسعه ذلك بطريق الاحياء فألزمه الشرع ذلك بطريق التحرير لان الحرية حياة والرق تلف في حق أحكام الدنيا وفي هذا المعنى العامد والمخطئ سواء وحجتنا في ذلك قوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها فهذا يقتضي أن يكون المذكور في الآية جميع أجزائه ولو أو جبنا عليه الكفارة لكان المذكور بعضي جزئه فيكون فسخا لهذا الحكم ولا وجه لحمل الآية على المستحل لان المذكور في الآية جزاء قتل العمد وإذا حمل على المستحل كان المذكور جزأ لرده وتبين بهذه الآية ان المراد بقوله ومن قتل مؤمنا خطأ الخطأ الذي هو ضد القصد لأنه عطف عليه العمد ولا يعطف الشئ على نفسه ولأنه قابله بالعمد ومتى قوبل الخطأ بالعمد فالمراد ما يضاد القصد قال الله تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولأنه استثنى الخطأ من التحريم بقوله الا خطأ والاستثناء من التحريم إباحة فلو حمل هذا على ضد الصواب أدى إلى أن يكون القتل الصواب هو المحرم وهذا محال فعرفنا أن المراد الخطأ الذي هو ضد القصد فان أصل ذلك الفعل غير محرم لكونه رمى إلى قصد الصيد أو الحربي لكنه باتصاله بالمحل المحترم يصير محرما ولكن لا يلحقه اثم نفس الفعل لكونه موضوعا عنه كما قال تعالى ولا جناح عليكم فيما أخطأتم به وإنما يلحقه به نوع مأثم بسبب ترك التحرز والكفارة
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست