المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٨٤
لإنسان آخر لان الوصية قياس الميراث من حيث إن الملك يثبت بها بعد الموت (ألا ترى) أنه لو أوصى بأمة رجل وبما في بطنها لاخر وهو يخرج من الثلث كان ذلك كما أوصى ولا شئ لصاحب الأمة في الولد ولو أوصى لرجل بخاتم ولاخر بفصه كان كما أوصى ولا شئ لصاحب الخاتم من الفص ولو قال هذه القوصرة لفلان وما فيها من التمر؟ لفلان كان كما أوصى فأما إذا فصل أحد الايجابين عن الاخر في هذه المسألة فعلى قول أبى يوسف الجواب كذلك وعلى قول محمد تكون الأمة للموصى له بها والولد بينهما نصفان وكذلك الخاتم والفص والقوصرة والتمر. وجه قول أبى يوسف ان بايجابه في الكلام الثاني يبين أن مراده من الكلام الأول ايجاب الأمة للموصى له بها دون الولد وهذا البيان منه صحيح وإن كان مفصولا لان الوصية لا تلزمه شيئا في حال فيكون حالة البيان الموصول فيه والمفصول سواء كما في الوصية بالرقبة والخدمة فان هناك المفصول والموصول سواء في الحكم ومحمد يقول اسم الخاتم يتناول الحلقة والفص جميعا فاسم الجارية يتناولها وما في بطنها وفي القوصرة كذلك ومن أصلنا أن العام موجبة ثبوت الحكم في كل ما يتناوله على سبيل الإحاطة بمنزلة الخاص فاجتمع في الفص الوصية لكل واحد منهما بايجاب على حدة فيجعل الفص بينهما نصفين ولا يكون ايجاب الوصية للثاني فيه دليل الرجوع عن الأول كما لو أوصي بالخاتم للثاني بخلاف الخدمة مع الرقبة فاسم الرقبة لا يتناول الخدمة ولكن الموصى له بالرقبة إنما يستخدمها لان المنفعة تحدث على ملكه ولا حق للغير فيه فإذا أوجب الخدمة لغيره لا يبقى للموصى له بالرقبة حق بخلاف ما إذا كان الكلام موصولا لان ذلك بمنزلة دليل التخصيص أو الاستثناء فتبين أنه أوجب لصاحب الخاتم الحلقة خاصة دون الفص فإذا جنى العبد الموصى له بخدمته ورقبته جناية فالفداء على صاحب الخدمة لان فيما هو المقصود بالعبد وهو الاستخدام هو المختص به كالمالك وبالفداء تسلم الخدمة له ولا يسلم لصاحب الرقبة شئ في الحال فإذا فداه خدمه على حاله لأنه طهره عن الجناية وان مات صاحب الخدمة انتقضت الوصية لان الحق للموصي له في الخدمة لا يحتمل التوريث لأنها لا تبقى وقتين فلا يتصور أن تكون مملوكة للمورث ثم للوارث فتبطل الوصية بموته عندنا خلافا للشافعي فإنه يرى توريث المنفعة وقد بينا هذا في الإجارات ثم يقال لصاحب الرقبة أد إلى ورثته ذلك الفداء لأنه ظهر أن صاحب الرقبة هو المنتفع بذلك الفداء فان خدمة العبد تسلم له وقد كان الموصى له مضطرا إلى ذلك الفداء فلا يكون متبرعا فيه فان أبى أن يرد الفداء
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست