المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٣٨
جديد وهو اعتاق الأب فلا يظهر أثره في الجناية الثانية وكذلك لو حفر بئرا أن يؤسر أبوه ثم وقع فيها انسان بعد عتق الأب فان ذلك على عاقلة الذي والاه دون عاقلة أبيه والخصومة في سببه مع الجاني لان مباشرة السبب كانت منه * ذمي أسلم ولم يوال أحدا حتى قتل قتيلا خطأ فلم يقض به حتى والى رجلا من بني تميم ثم جنى جناية أخرى فإنه يقضى بالجنايتين على بيت المال ويجعل ولاؤه لجماعة المسلمين وتبطل موالاته مع الذي والاه لان الذي أسلم ولم يوال أحدا فولاؤه لبيت المال حتى يكون ميراثه لو مات لبيت المال فإذا جنى جناية تعقل وجب على بيت المال وتأكد به حكم ذلك الولاء ولا يصح منه عقد الموالاة بعد ذلك مع أحد فلهذا كان موجب جنايته على بيت المال * وكذلك لو رمى بسهم أو حجر خطأ قبل أن يوالي أحدا فلم تقع الرمية حتى والى رجلا ثم وقعت فقتلت رجلا كانت موالاته باطلة لأنه بالرمي جان (ألا ترى) ان المعتبر حالة الرمي حتى لو رمى إلى صيد وهو مسلم ثم ارتد فأصابه السهم حل تناوله وإذا كان بالرمي جانيا وذلك حصل منه قبل الموالاة تأكد به الولاء لبيت المال * ولو حفرا بئرا في الطريق فلم يقع فيها أحد حتى والى رجلا ثم وقع فيها رجل فمات فان دية القتيل عليه في ماله وولاء الذي والاه صحيح ولا يشبه هذا ما مضى قبله من الرمية والجناية لان مجرد الحفر ليس بجناية يجب بها أرش حتى يعطب فيها انسان فقد والى وليس في عنقه جناية فصحت الموالاة والرمية كانت جناية منه فإنما والاه وفي عنقه جناية وبيان هذا الفرق أن الرامي مباشر ولا تتحقق المباشرة الا باعتبار فعله (ألا ترى) انه بالرمي ملتزم القود إذا كان عمدا والكفارة إذا خطأ فعرفنا انه جان حين رمى وأما الحافر فليس بمباشر للقتل ولهذا لا تلزمه الكفارة ولا يحرم الميراث ولكنه متسبب وإنما يتم هذا السبب عند وقوع الواقع في البئر فقد والى وليس في عنقه جناية فصحت الموالاة ثم دية هذا الواقع في البئر لا تكون على من والاه لأنه عند الوقوع صار جانيا عليه بالحفر السابق وقد كان ذلك قبل الموالاة ومن والاه لم يتحمل عنه موجب أفعاله قبل الموالاة ولا يعقل عنه بيت المال لأنه ان جعل ذلك على بيت المال بطل ولاؤه ولا وجه لا بطال الولاء المحكوم بصحته فلنا ان وجب عليه دية القتيل في ماله بمنزلة من لا عاقلة له وكذلك الرجل يسلم ويوالي رجلا ثم يجنى أو يرمي أو يحفر بئرا ثم ينتقل بولائه فهو بمنزلة ما تقدم لان الأول في المعنى تحول بالولاء فإنه كان مولى لبيت المال فلا فرق بين أن يتحول بولاء كان ثابتا عليه لبيت المال وبين أن يتحول بولاء
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست