المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٣٤
القاضي على ما قررنا ان العجز عن استيفاء المثل إنما يتقرر بقضاء القاضي ثم أصل الوجوب على القاتل وبعد ما وجب عليه تتحمل عنه عاقلته (ألا ترى) انه لو أقر بقتل خطأ كانت الدية عليه خاصة ولو كان الوجوب على العاقلة ابتداء وجبت عليه بذلك عند الاقرار فإذا ثبت ان الوجوب عليه عند قضاء القاضي فإنما تتحمل عنه من يكون عاقلة له عند القضاء وهم أهل ديوان البصرة بخلاف ما إذا قضى بها على عاقلته بالكوفة لان هناك قد تقرر الوجوب عليهم فلا يتحول إلى غيرهم بعد ذلك ثم إذا تحول بعد قضاء القاضي تؤخذ منه في عطائه بالبصرة حصته لان في مقدار حصته محل الأداء وعطاؤه من ديوان البصرة عند الأداء فيؤخذ ذلك القدر منه وفيما زاد على ذلك محل الأداء عطاء أهل الكوفة لان ذلك التقدير عليهم بقضاء القاضي ولو قلت العاقلة بعد القضاء عليهم وتعذر الاخذ منهم ضم إليهم أقرب القبائل في النسب حتى يعقلوا معهم لدفع الاجحاف عنهم ولا يشبه قلة العاقلة بعد القضاء تحول الرجل بعطائه من بلد إلى بلد لان الذين يضافون إليهم عاقلة واحدة وهذه عاقلة مستقلة يعنى ان الذين يضمون إليهم يكونون بمنزلة الاتباع لهم فلا تتبدل العاقلة باعتبارهم * يوضحه ان الضم لدفع الاجحاف عنهم وذلك عند الأداء فيصار فيه إلى وقت الأداء وأما القضاء على العاقلة ففي حكم وجوب الدية وذلك يثبت بقضاء القاضي فيعتبر فيه وقت القضاء ولو كان رجل مسكنه بالكوفة فقتل رجلا خطأ فلم يقض عليه حتى تحول عن الكوفة واستوطن البصرة فإنه يقضى بالدية على عاقلته بالبصرة ولو كان قضى بها بالبصرة على عاقلته بالكوفة ولم ينتقل عنهم لان من لا عطاء له إذا كان يسكن مصرا فعاقلته أهل ديوان ذلك المصر بمنزلة من له عطاء وكذلك البدوي إذا التحق بالديوان بعد القتل قبل قضاء فإنه يقضى بالدية على أهل الديوان وإن كان ذلك بعد القضاء على عاقلته بالبادية لم يتحول عنهم لان الجناية لم تجنها العاقلة وإنما جناها الرجل فإنما يكون على عاقلته إذا قضى بها عليهم (ألا ترى) ان التأجيل في الدية يعتبر من وقت قضاء القاضي ولو قلنا تتحول بتحويله إلى ديوان آخر بعد القضاء لكان إذا تحول بعد مضى سنة يؤخذ الثلث من الديوان الذي انتقل إليهم حالا وذلك ممتنع وفي اعتبار الاجل من وقت قضاء القاضي دليل ظاهر على أن الجناية إنما توجب المال بقضاء القاضي ولو أن قوما من أهل البادية قضى عليهم بالدية في أموالهم في ثلاث سنين فأدوا الثلث أو الثلثين أو لم يؤدوا أشياء حتى جعلهم الامام في العطاء صارت الدية عليهم في أعطياتهم وإن كان قد قضى بها أول مرة
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست