بخلاف القتل فإنه يقتل وهو مرهون فيسقط من الدين مقدار مالية القيمة الواجبة ولهذا قال أبو يوسف رحمه الله في الأمالي انه إذا باعه المرتهن أو العدل فالثمن لا يكون رهنا إلا أن يكون شرط ذلك عند البيع أو عند الرهن وجعل البيع في ابطال حق المرتهن عن العين هنا نظير بيع العبد المؤاجر برضا المستأجر فإنه يكون مبطلا لحق المستأجر ولكن في ظاهر الرواية في البيع هنا تحقيق مقصود المرتهن لان مقصود المرتهن استيفاء الدين من ماليته وذلك حال قيامه بالبيع يكون والثمن صالح لحقه كما كان الأصل صالحا فلهذا كان الثمن مرهونا فأما في بيع المؤاجر فابطال مقصود المستأجر لان مقصوده الانتفاع بالعين والثمن غير صالح لذلك فيبطل عقد الإجارة إذا كان البيع برضاه ولو كان العبد رهنا بألف وقيمته ألف فرخص السعر حتى صار يساوى مائة وحل المال فقتله حر غرم مائة ولم يكن للمرتهن غيرها لما بينا وكذلك لو قتله الراهن أو المرتهن لان فيما يلزم كل واحد منهما بالقتل لا يكون أشقى من الأجنبي فلا يلزمه قيمته الا وقت القتل وان غصبه الراهن وقيمته الف فجنى عنده جناية ثم رده على المرتهن ففداه فإنه يرجع بالأقل من قيمته ومن الفداء على الراهن كما لو كان الغاصب أجنبيا آخر وهذا لان الراهن بعقد الرهن صار من ماليته كأجنبي فغصبه إياه يوجب عليه ما يوجب على الأجنبي ولو كان استعاره الراهن فقتل عنده قتيلا فدفعه الراهن والمرتهن كان الدين على الراهن ولا يضمن قيمة الرهن لأنه قبضه على وجه العارية ولا يكون هو فيه دون أجنبي آخر فتكون العين أمانة في يده ولكنه خرج عن ضمان الرهن ما دام في يد الراهن لان ضمان الرهن ضمان استيفاء ولا يتحقق ذلك الا حال ثبوت يد استيفاء المرتهن على الرهن حقيقة وحكما ولا بدل له حال كونه عارية في يد المرتهن فلهذا لا يسقط شئ من الدين بهلاكه وكذلك لو استعاره رجل باذن الراهن ولو استعاره بغير إذن الراهن فجنى عنده فدفع بالجناية كان الراهن بالخيار ان شاء ضمن المرتهن قيمته وان شاء ضمن المستعير قيمته لان كل واحد منهما جان في حق صاحبه المرتهن بالتسليم والمستعير بالقبض ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشئ لان المستعير ان ضمن فإنما ضمن بقبضه لنفسه والمرتهن ان ضمن فقد ملكه بالضمان وتبين أنه أعار ملك نفسه ثم تكون القيمة رهنا مكانه لأنها قائمة مقامه ولو كان الراهن أعاره بغير إذن المرتهن فللمرتهن أن يضمن القيمة ان شاء المستعير وان شاء الراهن لان كل واحد منهما جان في حقه وحقه في الرهن مقدم على حق الراهن وإذا كان العبد قيمته ألف درهم رهنا بألف فغصبه
(٥)