بمقابلته ينكر وجوب الضمان عليه فالقول قوله في ذلك ولا يصدق في حال الربح حتى يشهد قبل العمل انه يعمل به مضاربة لان الربح نماء المال فيكون مملوكا لليتيم بملك المال والوصي يدعى استحقاق بعض الربح لنفسه والقول قول الأمين في براءته عن الضمان لا في استحقاق الأمانة لنفسه إلا أن يشهد قبل العمل فيحنئذ يكون هذا اقرارا بما منه يملك استئنافه على ما بينا ان للوصي أن يأخذ مال اليتيم مضاربة فيعمل به ولو قال اسقرضته لم يصدق وإن كان فيه ربح حتى يشهد قبل العمل لان ما حصل من الربح مستحق لليتيم بملكه أصل المال في الظاهر فالوصي يدعى استحقاق ذلك عليه لنفسه فلا يقبل قوله في ذلك وان أشهد قبل العمل فقد علمنا أنه في التصرف عامل لنفسه ضامن لمال الصبي لأنه ليس له أن يستقرض مال اليتيم لنفسه ولكن الفاسد من القرض معتبر بالصحيح فيكون الربح الحاصل بعمل له وان كانت فيه وضيعة فهو ضامن لها وإن لم يشهد قبل العمل لأنه في قوله استقرضه أقر لليتيم على نفسه بالضمان وفي مقدار الوضيعة واقراره على نفسه حجة وكذلك لو دفعه إلى رجل فعمل به ثم قال دفعته قرضا ليعمل به وصدقه ذلك الرجل فهو يقر له باستحقاق الربح واقراره في مال اليتيم ليس بحجة وان قال مضاربة لليتيم أو بضاعة له وصدقه الرجل وفيه وضيعة فلا ضمان عليهما لان في تصادقهما انتفاء الضمان عن العامل لا اثبات الاستحقاق له في شئ من مال اليتيم وللوصي هذه الولاية فإنه يودع مال اليتيم ويبضعه وإن كان فيه ربح فهو لليتيم كله إلا أن يشهد على ما صنع من ذلك قبل أن يعمل به لان الصبي صار مستحقا لجميع الربح بملكه أصل المال فاقرار الوصي بجزء منه للعامل يكون اقرارا في مال اليتيم لغيره وذلك غير مقبول عن الوصي وكل هذا يسعه فيما بينه وبين الذي يعمل على ما قال إن كان صادقا لان الله تعالى مطلع على ضميرهما عالم بما كان منهما إلا أن القاضي لا يقبل قوله الا ببينة لان القاضي مأمور باتباع الظاهر وأصله في الوصي إذا عرف وجوب الدين على الميت فإنه يسعه فيما بينه وبين ربه أن يقضي دينه من التركة ولكن ان علم به القاضي ضمنه إذا لم يكن لصاحب الدين بينة على حقه فهذا قياسه والله أعلم بالصواب (تم الجزء الثاني والعشرون من كتاب المبسوط للامام السرخسي الحنفي رحمه الله) (ويليه الجزء الثالث والعشرون * وأوله كتاب المزارعة)
(١٨٧)