الأول لأنه ليس للثاني أن يبطل حق الأول عن شئ من الربح الذي شرط لنفسه وإن كان قال اعمل فيه برأيك فلهذا كان للثاني ما بقي من الثلث بعد حق الثالث وهو السدس وللأول ثلث الربح ولو كان المضارب الأول دفع المال إلى رجل مضاربة على أن للمضارب الثاني من الربح مائة درهم فعمل به فربح أو وضع أو توى المال بعد ما عمل به فلا ضمان لرب المال على أحد والوضيعة عليه والتوى من ماله لان المضارب الأول إنما يصير ضامنا باشراك الغير في ربح ماله وبما باشر من المضاربة الفاسدة لا يوجد سبب الاشتراك بل المضاربة الفاسدة كالإجارة ولو استأجر أجيرا ليعمل في المال لم يكن مخالفا به وجعل عمل الأجير كعمله فكذلك إذا دفعه إلى غيره مضاربة فاسدة وللعامل أجر مثله على المضارب الأول لأنه هو الذي استأجره ويرجع به الأول على رب المال لأنه في الاستئجار عامل له بأمره غير مخالف وإن كان فيه ربح فإنه يعطي أجر مثل العامل أولا من المال كما لو استأجره إجارة صحيحة ثم الربح بين رب المال والمضارب الأول على الشرط لان عمل الأجير كعمل المضارب بنفسه وهذا وما لو أبضعه غيره سواء ولو كان رب المال شرط للمضارب الأول من الربح مائة درهم ولم يقل له اعمل برأيك فدفعه المضارب إلى آخر مضاربة بالنصف فعمل به فلا ضمان على المضاربين في الوضيعة والتوى لان المضارب الأول ما أوجب للغير شركة في ربح ماله فان بالعقد الذي بينه وبين رب المال لا يستحق هو شيئا من الربح فكيف يوجبه لغيره وإنما يتحقق الخلاف بايجاب الشركة للغير في ربح ماله ثم الربح كله لرب المال هنا لان عمل الثاني بأمر الأول كعمل الأول بنفسه وعليه أجر مثل المضارب الأول بمنزلة ما لو أقام العمل بنفسه وعلى المضارب الأول للمضارب الآخر مثل نصف الربح الذي ربح في ماله خاصة لأنه صار مغرورا من جهته فإنه أطمعه في نصف الربح وقد حصل الربح ولم يسلم له مع حصوله بل استحقه رب المال بسبب كان بينه وبين المضارب الأول وهو فساد العقد فرجع المضارب الثاني على المضارب الأول بمثل نصف الربح في ماله خاصة لأجل الغرر (ألا ترى) أن رجلا لو استأجر رجلا يعمل له بماله فيشتري به ويبيع ويبضعه ويستأجر عليه ان أحب فاستأجر عليه الأجير من يعمل به أو أبضعه مع رجل فربح أو وضع فالربح لرب المال والوضيعة عليه وللأجير الأول اجره على رب المال لان عمل أجيره بأمره كعمله بنفسه وللأجير الآخر أجره على الأول لأنه هو الذي استأجره وعمل له ولو كان الأجير الأول دفعه مضاربة إلى رجل بالنصف فعمل به وربح
(١٠١)