أن المستعير إذا خالف بمجاوزة المكان لم يبرأ عن الضمان ما لم تصل العين إلي صاحبها وهذا مستعير قد خالف فيكف يبرأ عن الضمان قبل وصول المال إلى صاحبه قلنا لان يد المستعير كيد نفسه فبالعود إلى المكان المشروط لا يصير أداء للعين لصاحبها حقيقة ولا حكما بخلاف المودع فان يده كيد المالك فبالعود إلي الوفاق يصير أداء عليه حكما وما نحن فيه نظير مسألة الوديعة لان تسليمه إلى المرتهن يرجع إلى تحقيق مقصود المعير حتى لو هلك بعد ذلك يصير دينه نقضا فيستوجب المعير الرجوع على الراهن بمثله وكان ذلك بمنزلة الرد عليه حكما فلهذا برئ به من الضمان قال والمال على المرتهن يرده على المعير هكذا ذكر في رواية أبى حفص وفى رواية أبى سليمان قال والمال على المرتهن يرده على الراهن ثم يأخذه المعير وقيل وهو الصحيح لان المرتهن صار مستوفيا دينه بهلاك الرهن وظهر أنه استوفى الرهن فعليه أن يرد المستوفى ثانيا علي من استوفاه منه وهو الراهن ويرجع المعير على الراهن لما صار قاضيا من دينه بملكه ولو قبل الراهن الرهن وقبضه ثم ركب الدابة أو استخدم العبد فهو ضامن لاستعماله ملك الغير بغير أمره فإن لم تعطب في الركوب والخدمة ثم عطبت بعد ذلك من غير صنعه فلا ضمان عليه لأنه بعد الفكاك بمنزلة المودع لا بمنزلة المستعير والمودع إذا خالف ثم ترك الخلاف برئ من الضمان ولو استعار أمة ليرهنها فرهنها ثم وطئها الراهن أو المرتهن فإنه يدرأ له الحد عنهما أما المرتهن فلانه ثبت ملك العبد بعقد الرهن وذلك مسقط للحد وأطلق الجواب هنا وفسر في كتاب الحدود فقال إذا قال ظننتها تحل لي وهو الصحيح فملك اليد الثابت للمرتهن هناك كملك اليد للزوج في العدة في حق المكانة وذلك أنما يسقط الحد إذا قال ظننت انها تحل لي وكذلك لو وطئها الراهن وقال ظننتها تحل لي لان حقه فيها نظير حق المرتهن فله حق ايفاء الدين بماليتها وللمرتهن حق استيفاء الدين من ماليتها فكما يسقط الحد باعتبار هذا المعنى عن المرتهن فكذلك عن الراهن ويكون المهر علي الواطئ لان الوطئ في غير الملك لا ينفك عن حدأ ومهر والمهر بمنزلة الزيادة المنفصلة المتولدة من العين لأنه بدل المستوفى والمستوفى في حكم جزء من العين فيكون رهنا معها فإذا افتكها الراهن سلمت الأمة ومهرها لمولاها كما لو كانت ولدت ولو وهب لها هبة أو اكتسبت كسبا فذلك لمولاها لما بينا أن حكم الرهن لا يثبت في الزيادة حتى هي غير مطالبة من العين ولكنها تملك بملك الأصل وملك الأصل للمعير فكذلك الغلة والكسب يكون له والله أعلم
(١٦٢)