المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١٥٩
بجنس فرهنه بجنس آخر فهو تقييد لأنه يتعسر على المعير أداء جنس دون جنس وكان مقصوده من التقييدات يتمكن من غير ملكه بأداء الجنس الذي هو متيسر عليه وكذلك أن أمره أن يرهنه من رجل فرهنه من غيره لان هذا التقييد مفيد فالناس يتفاوتون في الحفظ وأداء الأمانة وكذلك لو قال ارهنه بالكوفة فرهنه بالبصرة لان هذا التقييد مفيد فقد يرضى الانسان بأن يكون ماله في بلدة دون بلدة ومتى صار مخالفا فإنه يصير ضامنا قيمته وللمعير الخيار ان شاء ضمن المستعير وثم عقد الرهن بينه وبين المرتهن وان شاء ضمن المرتهن ورجع المرتهن بما ضمن وبالدين على الراهن وقد بينا ذلك في الاستحقان ولو استعار ثوبا ليرهنه بعشرة فرهنه بعشرة وقيمته عشرة أو أكثر فهلك عند المرتهن بطل المال عن الراهن لان الاستيفاء قد ثم بهلاك الرهن ووجب مثله لرب الثوب على الراهن لأنه قبض الثوب وسلمه برضاه وذلك يمنع وجوب ضمان العيب ولكن صار قاضيا دينه بهذا القدر من ماليته ومن قضى دينه بمال الغير يضمن له مثل ذلك المال وكذلك لو أصابه عيب ذهب من الدين بحسابه ووجب مثله لرب الثوب على الراهن لأنه صار قاضيا هذا القدر من الدين بماله والجزء معتبر بالكل فإن كان الثوب يساوى خمسة وهو رهن بعشرة فأعسر الراهن ولم يجد ما يفتكه به ثم هلك الثوب في يد المرتهن ذهب بخمسة وعلى الراهن خمسة للمرتهن وهو مقدار الزيادة على قيمة الرهن من الدين وهي خمسة لرب الثوب لأنه صار موفيا خمسة من دينه بمالية ثوبه فيعزم له مثله ولو كانت قيمته مثل الدين وأراد المعير أن يفتكه حين أعسر الراهن لم يكن للمرتهن أن يمتنع من دفعه إليه إذا قضاه دينه بخلاف ما إذا تبرع أجنبي بقضاء الدين فلصاحب الدين أن لا يفتكه منه لان المعير بالايفاء هنا يقصد تخليص ملكه فكان بمنزلة المديون الذي يقصد بالايفاء تفريغ ذمته فاما الأجنبي فلا يقصد تخليص ملكه ولا ذمته بل هو متبرع على الطالب فله أن لا يقبل تبرعه * توضيحه أن المرتهن هنا رضى باستيفاء دينه بملك الغير فلا فرق في حقه بين مالية الرهن وبين مال آخر يعطيه وهو في الاباء بعد الرضا يكون متعينا وبهذا الحرف يرجع المعير على الراهن بما أدى عنه لان الراهن رضى بان يصير دينه مقضيا بملك المعير على وجه يرجع عليه بمثله وهو إذا هلك الرهن فلا فرق في ذلك بين مالية الرهن وبين مال آخر يؤديه ولو هلك ثوب العارية عند الراهن قبل أن يرهنه أو بعد ما افتكه فلا ضمان عليه فيه لان حفظه العين في الحالين بإذن المالك وبالهلاك قبل الرهن أو بعد الفكاك لا يصير قاضيا شيئا من دينه بماليته
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست