المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٦١
باللبس الأول فالثاني يكون اختيارا. وكذلك أن سافر على الدابة فقد رضيها لان الاختيار لا يكون بالسفر على الدابة ولا يفعل ذلك الا في الملك عادة فان الانسان لا يسافر بدابة الغير عادة من غير كراء. وكذلك إذا سكن الدار فهو على خياره وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع فإذا كان ساكنا في الدار قبل الشراء فاستدام السكنى بعد الشراء لا يسقط خياره فان انتقل إليها وسكنها بعد الشراء سقط خياره لأنه لا يكون ذلك اختيارا عادة بل يكون رضا بتقرر الملك. قال (وإذا قبل جارية بشهوة ونظر إلى فرجها بشهوة فهو رضا) لان هذا الفعل لا يحل الا في الملك فاقدامه عليه دليل الرضي فتقرر ملكه فيها بمنزلة الغشيان. قال (وان كانت الجارية هي التي نظرت إلى فرجه أو قبلته أو مسته بشهوة فأقر المشترى أنها فعلت ذلك بشهوة لزمته الجارية أيضا وحرمت عليه أمها وابنتها) وكذلك هذا في الرجعة وهذا قول أبى يوسف وقاسه على قول أبي حنيفة رحمهما الله يعنى في الرجعة وأما في قول محمد فلا يكون ما صنعت الجارية بالمشترى رضى منه لأنه لم يصنع شيئا والخيار من المشترى إنما يسقط باعتبار صنع أو يوجد دليل الرضا منه وصنعها به لا يكون دليل الرضا من المشترى بها وإنما هو دليل رضا بكون المشترى مولى لها ولو صرحت بذلك أو أسقطت الخيار كان ذلك لغوا منها وليس هذا نظير ما لو جنت على نفسها لان سقوط خيار المشترى هناك بعجزه عن ردها كما قبضها لا لفعلها * ألا ترى أنها وان تعيبت من غير فعل أحد سقط خياره أيضا * وجه قول أبى يوسف رحمه الله أن فعلها به في الحكم كفعله بها بدليل الوطئ فإنه لو كان نائما فاستدخلت فرجه فرجها سقط خياره كما لو فعل بها. فكذلك دواعي الوطئ * ألا ترى ان في حرمة المصاهرة يسوى بين الوطئ ودواعيه وبين فعلها به وفعله بها وهذا لان الفعل غير مسقط الخيار بنفسه بل بحكمه وهو أنه لا يحل الا في الملك والحل باعتبار الملك يثبت من الجانبين فكما يسقط الخيار باعتبار هذا المعنى عند فعله بها * فكذلك عند فعلها به وبعد قيام الدليل الحكمي لا يبقى خياره وان انعدم رضاه كما لو تعيبت في يده بفعله أو بغير فعله وكما عجز هناك عن ردها كما قبض فقد عجز هنا عن ذلك لأنه إذا كان اشتراها من أبيه فقد اشتراها وهي حلال للأب وبعد هذا الفعل يردها وهي حرام عليه فيمتنع الرد كذلك والدليل عليه الرجعة فان المرأة إذا صرحت بالرجعة لم يصح ذلك منها ثم جعل فعلها به في حكم ثبوت الرجعة كفعله بها فهذا مثله (قال) أبو يوسف رحمه الله وهذا في الخيار أقبح
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست