المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٧
أبى ليلى رحمه الله أخذ بقول عائشة رضي الله تعالى عنها (وقال) البيع جائز والمال حال لأن العقد لما لم يكن صالحا للأجل الذي ذكره لغي ذكره فأما عائشة كانت تقول وقت خروج العطاء معلوم بالعرف لا يتأخر الخروج عنه الا نادرا فكان هذا بيعا بأجل معلوم ولكنا أخذنا بقول ابن عباس رضي الله عنهما لان العطاء فعل العباد قد يتقدم وقد يتأخر بحسب ما يبدوا لهم والآجال بالأوقات دون الأفعال قال الله تعالى (قل هي مواقيت للناس والحج) ثم الشرط في البيوع ببدل مؤجل اعلام الاجل كما قال صلى الله عليه وسلم في السلم إلى أجل معلوم واعلام الاجل يكون بما لا يتقدم ولا يتأخر من الأيام والشهود فأما ما يتقدم ويتأخر من أفعال العباد يكون مجهولا وكذلك الحصاد فإنه من أفعالنا وقد يتقدم أو أنه قد يتعجل الحر وقد يتأخر إذا أبطأ البرد والدياس وجذاذ النخل كذلك ورجوع الحاج فعله قد يتقدم وقد يتأخر. قال (فان أبطل المشترى الاجل الفاسد ونقد الثمن في المجلس أو بعد الافتراق عن المجلس جاز البيع) عندنا استحسانا و. قال (زفر والشافعي رحمهما الله تعالى لا يجوز البيع لأنه انعقد فاسدا وتصحيح العقد الفاسد في استقباله كالنكاح بغير شهود لا ينقلب صحيحا بالاشهاد والنكاح إلى أجل لا ينقلب صحيحا باسقاط الاجل ودليل فساد العقد أن المبيع مضمون على المشترى بالقيمة لو هلك في يده وأن كل واحد منهما يتمكن من فسخ العقد بغير رضاء صاحبه وان للبائع أن يسترده بزوائده المتصلة والمنفصلة ولكنا نقول المانع من صحة البيع زال قبل تقرره فيصح البيع كما لو باع فصا في خاتم أو جذعا في سقف ثم نزعه وسلمه إلى المشترى البيع كان صحيحا وتحقيق هذا الكلام ان نفس الاجل غير مفسد للبيع وإنما المفسد جهالة وقت الحصاد وذلك غير موجود في الحال فالشتاء ليس زمان الحصاد بيقين ولكنه وصل ذلك الزمان بما قبله في الذكر ولأجله فسد العقد وهذا اتصال يعرض للفصل فإذا أسقطه مجئ أوان الحصاد فقد تحقق الانفصال فبقي العقد صحيحا كما في الجذع فإنه عين مال متقوم ولكن لاتصاله بالسقف وللضرر في نزعه كأن لا يصح البيع فإذا نزعه زال ذلك المعنى كذا هذا حتى لو جاءه زمان الحصاد وتحقق الاتصال على وجه لا يمكن فصله بتقرر الفساد وهذا بخلاف النكاح بغير شهود لان المفسد هناك انعدام شرط الجواز ولا يزول ذلك بالاشهاد بعد العقد والنكاح إلى أجل متعة والمتعة عقد آخر سوي النكاح وهذا بخلاف البيع إلى هبوب الريح وأمطار السماء لان ذلك ليس بأجل فالاجل ما يكون منتظر الوجود وهبوب الريح وأمطار السماء قد يتصل بكلامه
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست