اتصل به القبض عندنا وعند الشافعي لا ينعقد للملك وفي الحقيقة هذه المسألة تنبنى على مسألة من أصول الفقه وهو أن النهى عن العقود الشرعية لا يخرجها من أن تكون مشروعة عندنا فان ذلك موجب النسخ والنهى عن النسخ وعندنا يخرجها من أن تكون مشروعة بمقتضى النهى فان صفة القبح من ضرورة النهى كما أن صفة الجنس من ضرورة الامر والمشروع ما يكون مرضيا والقبيح مالا يكون مرضيا فينعدم أصل العقد لضرورة النهى ومقتضاه ولكنا نقول موجب النهى الانتهاء على وجه يكون المنتهى مختارا فيه كما أن موجب الامر الائتمار على وجه يكون المؤتمر مختارا فيه فان استحقاق الثواب والعقاب ينبنى على ذلك وذلك لا يكون الا بعد تقرر المشروع مشروعا باعتبار هذا الأصل ثم يخرج المقتضى عليه بحسب الامكان أولى من اعلام المقضي بالمقتضى وهذه في أصول الفقه فأما التخريج هنا على الأصل المتفق عليه وهو أن النهى متى كان لمعنى في غير المنهى عنه فإنه لا يعدم المشروع كالنهي عن البيع وقت النداء وإن كان المنهى عنه بعدمه كالنهي عن بيع المضانين والملاقيح والشافعي يقول في البيوع الفاسدة النهى لمعنى في غير المنهى عنه ولهذا أفسد البيع ويتضح هذا في البيع بالخمر فالبيع مبادلة مال متقوم بمال متقوم والخمر ليس بمال متقوم حتى لا يملك بالعقد وان قبض فلا ينعقد موجبا حكمه فعرفنا انه غير منعقد في حق حكمه وهو الملك والدليل عليه ان البيع موجب للملك بنفسه ثم الفاسد منه لا يكون موجبا الملك بنفسه فعرفنا انه ليس ينعقد في حكم الملك وثبوت الضمان بالقبض ليس من حكم انعقاد العقد بالمقبوض على سوم الشراء مضمون بالقيمة ولا عقد وإن كان منعقدا بصفة الفساد لما منعت ثبت الملك بالبيع قبل القبض فكذلك بعده لان الفساد قائم بعده ولان بالقبض يزداد الفساد والحرمة وكل ما يمنع ثبوت الملك بالبيع قبل القبض يمنع بعد القبض كخيار الشرط وهذا في معناه لان مع خيار الشرط لا يتم الرضا من البائع ومع الفساد كذلك فإنه لو صار مملوكا إنما يصير مملوكا بالقيمة والبائع لم يرض بهذا ولهذا ثبت خيار الفسخ لكل واحد منهما ولان هذا عقد معاوضة فالفاسد منه لا ينعقد موجبا للملك كالنكاح وهذا لان الملك مشروع محبوب فيستدعى سببا مرضيا شرعيا بخلاف الكتابة الفاسدة حيث انعقد العقد مع صفة الفساد ففيها معنى المعاوضة واليمين لأنه تعليق العتق بشرط الأداء والحرمة لا تمنع صحة التعليق لو كما (قال) ان زنيت فأنت حرة فإنما ينزل العتق هناك لمعنى التعليق دون المعاوضة
(٢٣)