أن هلاك الثمن قبل القبض يوجب انفساخ العقد كهلاك المبيع ان من اشترى بفلوس شيئا فكسدت قبل القبض بطل العقد لان الثمن فلوس رائجة فإذا كسدت الفلوس فقد هلك الثمن وما ينقص العقد بهلاك إذا تعذر قبضه ثبت للعاقد حق الفسخ كالمبيع. وحجتنا في ذلك قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة والمشترى حين أفلس بالثمن قد استحق النظرة شرعا ولو أجله البائع لم يكن له أن يفسخ العقد قبل مضى الاجل فإذا صار منظرا بانظار الله تعالى أولى أن يتمكن البائع من فسخ العقد وأما الحديث الذي استدلوا به فقد ذكر الخصاص باسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده متاعه فهو في ماله بين غرمائه أو قال فهو أسوة غرمائه فيه وتأويل الرواية الأخرى ان المشترى كان قد قبضه بغير إذن البائع أو مع شرط الخيار للبائع وبه نقول إن في هذا الموضع للبائع حق الاسترداد والمعنى فيه إن لم يتعين على البائع شرط عقده فلا يتمكن من فسخ العقد كما لو كان المشترى مليا وبيان ذلك أن موجب العقد ملك اليمين فان اليمين يجب بالعقد ويملك به وإنما يملك بالعقد دينا في الذمة وبقاء الدين ببقاء محله والذمة بعد الافلاس على ما كانت عليه قبل الافلاس محل صالح لوجوب الدين عليه فاما حق الاستيفاء فثابت للبائع بسبب ملكه لا بحكم العقد ألا ترى أنه يجوز اسقاطه بالابراء وبالاستبدال وقبض البدل إذا صار مستحقا بالبيع لا يجوز اسقاطه بالاستبدال وقبض البدل إذا صار مستحقا بالبيع لا يجوز اسقاطه بالاستبدال كما في البيع عينا كان أو دينا فعرفنا ان حق قبض الثمن له بحكم الملك لا أن يكون موجب العقد فبتعذره لا يتغير شرط العقد والدليل على هذا أن قدرة المشتري على تسليم الثمن عند العقد ليس بشرط لجواز العقد فلو كان تسليم الثمن يستحق بالعقد لكانت القدرة على تسليمه شرطا لجواز العقد كما في جانب المبيع فإنه إذا كان عينا لا يجوز العقد إلا أن يكون مقدور التسليم للبائع وإن كان دينا كالتسليم لا يجوز العقد الا على وجه تثبت القدرة على التسليم به للعاقد وهو الاجل ولما جاز الشراء بالدرهم حالا وإن لم يكن في ملكه عرفنا ان وجوب تسليم الثمن ليس من حكم العقد وبهذا الحرف يستدل في المسألة ابتداء فان العجز عن تسليم الثمن إذا طرأ بالافلاس لا يكون أقوى من العجز عن تسليم الثمن إذا اقترن بالعقد والمفلس إذا اشترى شيئا والبائع يعلم أنه مفلس صح العقد ولزم فبالافلاس الطارئ لأن لا ترتفع صفة اللزوم أولى بخلاف جانب المبيع فهناك ابتداء العقد مع العجز عن التسليم لا باق العبد لا يجوز فان رضى به المشترى فكذلك
(١٩٨)