المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ١٩٧
أعتق المشترى المبيع قبل القبض وهو معسر فليس البائع أن يستسعى العبد في شئ رجع أبو يوسف عن هذا وقال له أن يستسعى العبد في الأقل من قيمته ومن الثمن وذكر هذا القول في نوادر هشام وجعله قياس المرهون إذا أعتقه الراهن وهو معسر ووجه الفرق بينهما على ظاهر الرواية أن بعقد الرهن يثبت للمرتهن حق الاستيفاء من مالية الرهن وتلك المالية احتبست عند العبد باعتاق الراهن إياه فكان له أن يستسعى العبد إذا تعذر عليه الوصول إلى حقه لعسرة الراهن فاما البائع فما كان له حق استيفاء الثمن من مالية المبيع ولكن كان له ملك العين واليد فأزال ملك العين بالبيع وبقي له اليد إلى أن يصل إليه الثمن وباعتاق المشترى العبد فات محله ومجرد اليد ليس يقوم على العبد فلا يستسعيه لأجل ذلك. يوضحه ان حق البائع في الحبس ضعيف ولهذا يسقط بإعارة المبيع من المشترى بخلاف حق المرتهن ثم يعود تصرف المشترى بتسليط البائع إياه على ذلك فيمتنع هذا التسليط بثبوت حقه في استسعاء البعد بخلاف تصرف الراهن في المرهون فإن لم يعتقه المشتري ولكنه أفلس بالثمن فإن لم يكن لبائع سلم المبيع إليه فله ان يحبسه إلى أن يستوفى الثمن وإن كان سلم المبيع إليه فله أن يسترده ولكنه أسوة غرماء المشتري فيه وليس له أن يفسخ البيع عندنا وقال الشافعي إذا أفلس المشترى بالثمن فللبائع أن يفسخ البيع وهو أحق بالمبيع إن كان سلمه بفسخ العقد ويعيده إلى ملكه ويؤيده حديث أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أفلس بالثمن فوجد رجل متاعه عنده بعينه فهو أحق به والمعنى فيه أن البيع عقد معاوضة فمطلقه يقتضى التسوية بين المتعاقدين ثم لو تعذر على المشترى قبض المبيع بالإباق ثبت للمشتري حق الفسخ فكذلك إذا تعذر على البائع قبض الثمن لافلاس المشترى وكما أن المالية في الآبق كالثاوي حكما فكذلك الدين في ذمة المفلس بمنزلة الثاوي حكما لاستبداد طريق لوصول إليه ولا فرق بين المبيع والثمن الا من حيث إن الثمن دين والمبيع عين وكما أن تعذر القبض في العين يثبت حق الحبس فكذلك تعذر القبض في الدين ألا ترى أن المسلم فيه دين فإذا تعذر قبضه بانقطاعه من أيدي الناس يثبت لرب السلم حق الفسخ فكذلك الثمن ولا فرق بينهما سوي ان الثمن مفقود والمسلم به والمسلم فيه معقود عليه ولكن حق الفسخ يثبت بتعذر قبض المعقود به كما ثبت بتعذر قبض المعقود عليه ألا ترى ان المكاتب إذا عجز عن أداء بدل الكتابة تمكن المولى من فسخ العقد وبدل الكتابة معقود به كالثمن والدليل عليه
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 » »»
الفهرست