المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ١٥٨
فوجود النكاح عند العقد وعدمه سواء وان طلقها الزوج بعد ما قبضها المشترى فليس عليه أن يستبرئها لأنه حين قبضها لم يلزمه الاستبراء لكونها مشغولة بحق الزوج فحقه يمنع ثبوت ملك الحل له بملك الرقبة وإذا لم يلزمه الاستبراء عند القبض لا يلزمه بعد ذلك لأنه لو لزمه الاستبراء إنما يلزمه بالطلاق قبل الدخول والطلاق لا يوجب الاستبراء وهذه هي الرواية الأخرى في أن الزوج إذا طلقها قبل الدخول لا يجب على المولى به الاستبراء ولو استبرأها وقبضها ثم زوجها فان مات عنها زوجها واعتدت عدة الوفاة ولم تحض ولا بأس بأن يطأها لما بينا أن العدة أقوي من الاستبراء فعند ظهور العدة لا يظهر حكم الاستبراء وان طلقها الزوج قبل أن يدخل بها وقبل أن تحيض عنده لم يطأها المشترى حتى يستبرئها بحيضة لان الاستبراء قد وجب هنا حين قبضها وهي فارغة وبالطلاق قبل الدخول ارتفع النكاح لا إلى أثر فيظهر ما كان من الحكم قبل النكاح والطلاق وهو الاستبراء الواجب على المشترى وان كانت قد حاضت حيضة عند الزوج قبل الطلاق أجزأت تلك الحيضة عن الاستبراء لأنها حاضتها بعد ما وجب الاستبراء على المشترى بالقبض وبتلك الحيضة يتبين فراغ رحمها من ماء البائع فيجتزئ بها من الاستبراء لأنها حاضتها بعد ما وجب الاستبراء بالقبض وفي كتاب الحيل قال إن زوجها المشتري عبدا له قبل أن يقبضها ثم قبضها ثم طلقها العبد قبل أن يدخل بها وقبل أن تحيض فللمشتري أن يطأها من غير استبراء وهو صحيح فتزويجه إياها قبل القبض صحيح كالاعتاق لان النكاح لا يمنع صحته بسبب الغرر أو أن وجوب الاستبراء بعد القبض وقد قبضها وهي مشغولة بالنكاح فلم يلزمه الاستبراء عند ذلك ولا بالطلاق بعد ذلك وهذه هي الحيلة لاسقاط الاستبراء في حق من كان تحته حرة لأنه لا يمكنه أن يتزوجها بنفسه وإن لم يكن تحته حرة فالحيلة أن يتزوجها قبل الشراء ثم يشتريها فيقبضها فلا يلزمه الاستبراء لان بالنكاح يثبت له عليها الفراش فإنما اشتراها وهي فراشه وقيام الفراش له عليها دليل على تبين فراغ رحمها من ماء الغير شرعا ثم الحل لم يتجدد له بملك الرقبة لأنها كانت حلالا له بالنكاح قبل ذلك ولا بأس بالاحتيال لاسقاط الاستبراء بهذه الصفة إذا علم أن البائع لم يكن وطئها في هذا الطهر وفي قول أبى يوسف وقال محمد يكره ذلك وهو نظير ما تقدم من الحيلة لاسقاط الزكاة فعند أبي يوسف هو يمتنع من التزام حكم مخافة أن لا يتمكن من الوفاء به إذا لزمه ومحمد يقول الفرار من الأحكام الشرعية ليس من
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست