المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ١٥٥
البات والثاني ان السبب إنما يلغو إذا خلا عن الحكم شرعا فاما إذا تأخر عنه الحكم فلا لان الحكم تارة يتصل بالسبب وتارة يتأخر كما في البيع بشرط الخيار وهنا الحكم يتأخر إلى إجازة المالك ولا ينعدم أصلا لان انعدام الحكم في الحال لرفع الضرر عن المالك وفي تأخير الحكم إلى وجود الإجازة توفر المنفعة عليه فإنه إذا صار مستندا بالنظر ان شاء أجاز البيع وان شاء أبطله فيكون فيه محض منفعة له فلهذا انعقد السبب في الحال على أن يجعل اجازته في الانتهاء كاذنه في الابتداء بخلاف بيع الطير في الهواء والسمك في الماء فهناك لغا العقد لانعدام محله والمحل غير مملوك أصلا ولا يكون قابلا للتمليك وكذلك طلاق الصبي امرأته إنما لغا لانعدام الأهلية في المتصرف فان اعتبار عقل الصبي وتميزه لتوفير المنفعة عليه وما يتمحض ضررا ينعدم فيه هذا المعنى ولا يجعل أهلا باعتباره ودليل أن الطلاق يتمحض ضررا أن الولي لا يملك عليه هذا التصرف وإنما لغا لانعدام حكمه أصلا فامرأة الصبي ليست بمحل لوقوع الطلاق عليها بالايقاع ألا ترى أنه لا يقع عليها بإذن الولي ولا بايقاعه فاما مال الغير فمحل الحكم البيع حتى يثبته فيه حكم البيع عند اذن المالك أو مباشرته بنفسه وهذا بخلاف بيع الآبق والمبيع قبل القبض فان ذلك لا يصير لغوا بل ينعقد فاسدا لانعدام شرط الصحة وهو قدرة العاقد على تسليم المعقود عليه وبخلاف ما إذا اشترى العاقد ما باعه لان حكم ذلك السبب لا يمكن اثباته باعتبار الملك الحادث له فحكم السبب ثبوت الملك للمشتري من وقت العقد وإنما يتأتى ذلك باعتبار ملك من كان مالكا وقت العقد وقد زال ذلك بإزالته فلو نفذ باعتبار الملك الحادث نفذ مقصورا على الحال وحكم السبب ليس هذا فاما عند الإجازة فيثبت الملك للمشتري من وقت العقد ولهذا يستحق المبيع بزوائده المتصلة والمنفصلة وهذا هو تأويل النهى عن بيع ما ليس عند الانسان ان المراد إذا باعه ثم اشتراه وأراد تسليمه بحكم ذلك العقد بدليل قصة الحديث فان حكيم بن حزام رضي الله عنه قال يا رسول الله ان الرجل ليأتيني فيطلب منى سلعة ليست عندي فأبيعها منه ثم أدخل السوق فاشتريها فأسلمها فقال صلى الله عليه وسلم لا تبع ما ليس عندك إذا عرفنا هذا في بيان مسألة الاستبراء فالملك النافذ للمشترى لا يكون الا بعد الإجازة والحل يبنى على ذلك ولا يحتسب بالحيضة التي توجد قبل الإجازة من الاستبراء فتلك دون الحيضة الموجودة في يد البائع بعد تمام البيع فإذا كأن لا يحتسب بها من الاستبراء فهذا أولى ولو كان البائع هو المالك لها فسلمها وحاضت
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست