المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ١٣٨
خاصمه فيها قبل أن يصير خلا فأبطل القاضي البيع ثم صارت خلا بعد ذلك لم يكن له عليها سبيل لأن العقد انفسخ بقضاء القاضي كما في الإباق إذا عاد بعد ما فسخ القاضي البيع بينهما . وبه فارق ما لو كانت خمرا في الابتداء فان هناك البيع ما انعقد صحيحا * ألا ترى أنه لو باع العبد وهو آبق ثم رجع من إباقه لم يصح البيع * وعلى هذا النصراني لو اشترى من نصراني خمرا ثم صارت خلا ثم أسلما فالمشتري بالخيار ان شاء أخذ وان شاء ترك لتغير صفة المبيع وان أسلما ثم صارت خلا فهو على هذا الخلاف الذي ذكرنا ثم ذكر مسألة اقراض النصراني نصرانيا خمرا وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الغصب * قال وإذا اشترى النصراني من النصراني خمرا أو خنزيرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم المشترى قبل أن يختار وقد قبض كان البيع باطلا في قول أبي حنيفة ويتم البيع في قول صاحبيه بناء على اختلافهما في وقوع الملك للمشترى مع اشتراط الخيار وقد تقدم بيانه بفصوله. ولو كان الخيار للبائع فأسلما أو أسلم البائع بطل البيع لان خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه فلا يمكن من اخراجه عن ملكه بالإجازة بعد اسلامه وان أسلم المشترى وقد قبض ما اشترى لم يفسد البيع لان البيع قد تم من قبله والبائع على خياره فان أجاز البيع ملك المشتري الخمر حكما من غير عقد باشره بعد اسلامه واسلامه لا يمنعه من ذلك * وإذا ارتهن نصراني من نصراني خمرا بدين له عليه فأسلم المرتهن بطل الرهن لان المقصود بالرهن الاستيفاء ولا يتم ذلك الا بهلاك الرهن فالاسلام الطارئ بعد العقد قبل حصول المقصود يجعل بمنزلة المقترن بالعقد فإن كان المرتهن هو الذي أسلم بقي مضمونا عليه حتى إذا هلك هلك على الراهن لان خمر الكافر يجوز أن تكون مضمونة على المسلم بالغصب فكذلك بالقبض بحكم الرهن فإن كان الراهن هو الذي أسلم ثم هلك الرهن لم ينتقص من حق المرتهن شئ لان خمر المسلم لا تكون مضمونة على الذمي بالغصب فكذلك بالقبض بحكم الرهن وهذا لانعدام المالية والتقوم في حق المالك هنا بخلاف الأول * قال وإذا وكل المسلم نصرانيا ببيع الخمر فباعها جاز في قول أبي حنيفة لان العاقد نصراني ولم يجز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لان من وقع له العقد مسلم وقد تقدم بيان هذا الفصل * وإذا كان للذمي عبدان أخوان لم أكره له أن يفرق بينهما في البيع لان ما فيه من الشرك أعظم من التفريق يعنى أن المنع من التفريق لحق الشرع والكفار لا يخاطبون من حقوق الشرع بما هو أعظم من كراهة التفريق نحو العبادات فكذلك لا يظهر في حقهم حكم كراهة التفريق
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست