المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ١٣٧
ولا يحلف لوكيل لان النيابة في اليمين لا تجزئ ولكن يحضر الموكل فيحلف بالله لقد باعه وما هذا به وقد قررنا هذا في كتاب العيوب * قال ولا يجوز بين أهل الذمة شئ من بيوع الصرف والسلم وغيرهما الا ما يجوز بين أهل الاسلام ما خلا الخمر والخنزير فانى أجيز ذلك بينهم وأستحسن ذلك لأنهما أموال متقومة في حقهم والأثر الذي جاء فيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال ولو هم بيعها وخذوا العشر من أثمانها وقد تقدم بيان هذا الفصل في كتاب الغصب وأوضحنا الفرق بين الربا والتصرف في الخمر والخنزير باعتبار أن ذلك مستثنى من عقد الذمة ونذكر هنا حرفا آخر للفرق بينهما فنقول لما بقي الخمر والخنزير مالا متقوما في حقهم فلو لم نجز تصرفهم فيهما بالبيع والشراء لم تظهر فائدة المالية والتقوم فيكون اضرارا بهم ولو منعناهم عن عقود الربا لأدى ذلك إلى ابطال فائدة المالية والتقوم لأنهم قد لا يتمكنون من التصرف في ذلك المحل الا بطريق الربا * قال ولا يحل للمسلم بيع الخمر ولا أكل ثمنها بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه حديثان * أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله في الخمر عشرة وذكر في الجملة بائعها * والثاني قوله صلى الله عليه وسلم ان الذي حرم شربها حرم بيعها وأكل ثمنها * وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا ثمنها وان الله تعالى إذا حرم شيئا حرم بيعه وأكل ثمنه وبهذه الآثار تبين ان الخمر ليست بمال متقوم في حق المسلم فلا يجوز بيعه إياها * قال وإذا اشترى المسلم عصيرا فلم يقبضه حتى صار خمرا فالبيع فاسد لأنه تعذر قبضه بعد التخمر وبالقبض يتأكد الملك المستفاد بالعقد ويستفاد بملك التصرف وكما لا يجوز ابتداء العقد على الخمر من المسلم فكذلك لا يجوز قبض الخمر بحكم العقد فان صارت خلا قبل أن يترافعا إلى السلطان فالمشتري بالخيار ان شاء أخذه وان شاء تركه وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله أما عند محمد فالبيع باطل هكذا ذكر الكرخي لأن العقد فسد بالتخمر فلا يمكن تصحيحه على الخل الا بالاستقبال وهذا لان التخمر قبل القبض كالموجود عند العقد * ولو اشترى المسلم خمرا فتخللت لا يصح العقد * وجه قولهما ان أصل العقد كان صحيحا ثم بالتخمر فات القبض المستحق بالعقد العارض على شرف الزوال وهو انعدام المالية والتقوم فإذا زال صار كأن لم يكن كما لو أبق المبيع قبل القبض ثم عاد من إباقه إلا أن المشترى هنا مخير لتغيير صفة المبيع وهو في ضمان البائع ولهذا لو
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست