كما لو ترك التسمية عمدا (فان قيل) المنع من الرمي صوب الحرم حق الشرع والنصراني لا يخاطب بذلك ولهذا لا يلزمه الجزاء (قلنا) حرمة الحرم تظهر في حق الكافر كما تظهر في حق المسلم ولهذا لا يقتل الحربي والمرتد في الحرم ثم النصراني في حكم الذكاة تبع للمسلم والتبع يلحق بالأصل في حكمه وإن لم يشاركه في علته * وكذلك لو ذبح نصراني أو صبي صيدا في الحرم لم يؤكل لأنهما في حكم الذكاة تبع للمسلم البالغ فإذا لم يكن هذا الفعل من المسلم البالغ واجبا للحل فكذلك من النصراني والصبي. قال (ولو أن رجلا أخرج صيدا من الحرم فذبحه في الحل فعليه جزاؤه) لأنه كان في الحرم آمنا صيدا وقد زال ذلك بأخذه واخراجه وكان مطالبا شرعا بإعادته إلى مأمنه وإرساله فيه وقد فوت ذلك بذبحه فعليه الجزاء والتنزه عن أكله أفضل بخلاف ما إذا ذبحه في الحرم فان ذلك حرام تناوله لأنه حين ذبحه كان صيد الحرم ففعله فيه يكون قتلا ولا يكون ذكاة وهنا حين ذبحه كان صيد الحل فيكون فعله فيه ذكاة وباعتبار هذا الفعل لا يلزمه الجزاء وإنما يلزمه بالأخذ السابق فلهذا لا يحرم تناوله إلا أن التنزه عنه أفضل لان تقرر الجزاء عليه بفعل الذبح وإن كان الوجوب سبب الاخذ فباعتبار هذا المعنى يمكن شبهة فيه ولأنا لو أطلقنا له حق التناول تطرق الناس إلى ذلك فيخرجون الصيد من الحرم ويذبحونه في الحل وفي ذلك تعليل صيد الحرم فللمنع من هذا قلنا التنزه عن أكله أفضل. وكذلك أن كان صاده أولا في الحل ثم أدخله الحرم ثم أخرجه إلى الحل لأنه حين أدخله الحرم فقد صار صيد الحرم فهو والمأخوذ في الحرم سواء بدليل وجوب الجزاء عليه وهذا عندنا فأما عند الشافعي رحمه الله تعالى حرمة الحرم لا تظهر في حق صيد مملوك فإذا ملكه بالأخذ في الحل ثم أدخله الحرم لم يثبت له حرمة الحرم وعندنا حرمة الحرم في حق الصيد كحرمة الاحرام فكما يحرم عليه بالاحرام إمساك الصيد المملوك ويلزمه إرساله فكذلك يحرم بسبب الحرم إمساكه وقد بينا هذا في المناسك * وكذلك حلال أحرم وفى يده صيد ثم حل ثم ذبحه فهذا والأول سواء لأنه لما أحرم فقد وجب عليه إرساله وحين ذبحه تقرر عليه جزاؤه وإن كان بعد الحل فلهذا كره أكله. قال (محرم صاد صيدا فدفعه إلي حلال فذبحه فهو والأول سواء) لأنه بما صنع مفوت ما لزمه من الارسال ومقرر للجزاء على نفسه فهو كما لو ذبحه بنفسه بعد ماحل من إحرامه ولو ذبحه بنفسه بعد ماحل من احرامه وهو محرم أو في الحرم كان ذلك أشد من هذا حالا فان ذلك بمنزلة الميتة وهذا مكروه
(٢٣)