المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٢
فاصطادوا. قال (وان رمى رجل صيدا في الحل فأصابه ثم دخل الصيد الحرم فمات منه لم يكن عليه جزاء) لان وجوب الجزاء باعتبار فعل المحظور وفعله كان مباحا وهو الرمي إلى صيد في الحل أو باعتبار حرمة المحل ولم يكن محترما حين ما أصاب السهم الصيد فهو كما لو رمى إلى حربي أو مرتد فأصابه ثم أسلم وفى القياس لا بأس بأكله لان فعله كان مذكيا له ألا ترى أنه لو مات في الحل حل تناوله فكذلك إذا مات بعدما دخل الحرم لأنه دخله وهو مذكى وحرمة الحرم إنما تظهر في حق الصيد لا في حق المذكى ولكنه استحسن فقال يكره أكله لان حل التناول عند زهوق الروح وهو عند ذلك في الحرم والحكم يضاف إلى الشرط وجودا عنده كما يضاف إلى السبب ثبوتا به فاعتبار هذه الحالة يوجب الحرمة واعتبار حالة الإصابة يبيح فيغلب الموجب للحرمة وبه فارق الجزاء لان الجزاء بالشك لا يجب ولان الجزاء باعتبار الفعل فان الحل صفة في المحل والمحل في الحرم عند ثبوت صفة الحل فيه. قال (وان أصابه في الحرم فمات في الحل فلا خير في أكله) لان الحل باعتبار الإصابة وقد أصابه وهو صيد الحرم وهذه هي المسألة المستثناة من أصلنا ان المعتبر لحالة الرمي فيما يبنى عليه الاحكام دون حالة الإصابة فان في حل التناول يعتبر حالة الإصابة أيضا لان الحل صفة للمحل وإنما يثبت في المحل عند الإصابة فلا بد من اعتبار تلك الحالة فيه وكذلك أن أصابه في الحل وقد رماه من الحرم لان الرمي من الحرم قيل محظور قال الله تعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم قيل معناه وأنتم في الحرم لأنه يقال أحرم إذا دخل في الحرم كما يقال أشأم إذا دخل الشام والموجب للحل الذكاة لا القتل المحظور والدليل عليه وجوب الجزاء على الرامي فهو من هذا الوجه بمنزلة محرم يقتل صيدا وكذلك أن رماه من الحل في الحرم لان الصيد إذا كان في الحرم فهو ممنوع من الرمي إليه وإن كان في الحل فيكون فعله فعلا محظورا ألا ترى ان عليه قيمة الجزاء ولو كان الرامي في الحل والصيد في الحل فمر السهم في الحرم حتى أصاب الصيد فلا بأس بأكله وان تعمد ذلك لان الرمي مباح له فكان فعله ذكاة شرعا وهذا لان الحرمة باعتبار معنى في الحل وفى الرامي ولم يوجد ذلك لان أصل السبب فعل الرامي وثبوت الحكم عند الإصابة وما بين ذلك غير معتبر أصلا في إضافة الحكم إليه. قال (فان رمى نصراني من الحرم صيدا في الحل فمات فلا خير في أكله) لان النصراني في حكم الذكاة لا يكون أعلى من المسلم فإذا كان هذا الفعل من المسلم لا يبيح الصيد فكذلك من النصراني
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست