من القياس بالأثر لا يلحق به الا ما كان في معناه من كل وجه والحنطة الرطبة ليست في معنى الرطب من كل وجه الرطوبة في الرطب مقصودة وفى الحنطة غير مقصودة بل هو عيب فلهذا أخذت فيه بالقياس وأبو حنيفة يقول تأويل الحديث ان صح ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر نسيئة وقد نقل ذلك في بعض الروايات وفائدة قوله صلى الله عليه وسلم أينقص إذا جف أن الرطب إذا جف ينقص إلا أن يحل الاجل فلا يكون هذا التصرف مفيدا وكان السائل وصيا ليتيم فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك التصرف منفعة لليتيم باعتبار النقصان عند الجفوف فمنع الوصي منه علي طريق الاشفاق لا على وجه بيان فساد العقد فاما الحنطة المبلولة بالمبلولة تجوز عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى لما قلنا ولا يجوز عند محمد وكذلك الزبيب المنقع بالمنقع والتمر المنقع بالمنقع ومحمد يفرق بين هذه الفصول وبين بيع الرطب بالرطب فيقول هناك التفاوت يظهر بعد خروج البدلين عن الاسم الذي عقد به العقد فلا يكون ذلك تفاوتا في المعقود عليه وهذه الفصول تظهر التفاوت بعد الجفوف مع بقاء البدلين على الاسم الذي عقد به العقد فبهذا الحرف يتضح مذهبه في هذه الفصول ثم ذكر بيع الحنطة المقلية بغير المقلية وقد بينا الحكم فيه وأهل الأدب طعنوا عليه في هذا اللفظ فقالوا إنما يقال حنطة مقلوة فاما المقلية المبعضة يقال قلاه يقليه إذا أبغضه ولكنا نقول محمد كان فصيحا في اللغة الا انه رآى استعمال العوام هذا اللفظ في الحنطة ومقصود بيان الاحكام لهم فاستعمل فيه اللغة التي هي معروفة عندهم وما كان يخفى عليه هذا الفرق ولا يجوز الحنطة بالسويق متساويا ولا متفاضلا إلا أن تكون الحنطة أكثر ومع السويق فضة أو ذهب فيكون ما معه بفضل الحنطة لان الصحة مقصود المتعاقدين ومتى أمكن تحصيل مقصودهما بطريق جائز شرعا يحمل مطلق كلامهما عليه ويجعل كأنهما صرحا بذلك كما لو باع نصف عبد مشترك بينه وبين غيره يجوز البيع وينصرف تسمية النصف مطلقا إلى نصيبة خاصة وكذا لو قال لرجل أوصيت لك بثلثي يجوز ويحمل على ايجاب ثلث المال لأنه عرف أنه مقصوده فهذا مثله والأصل فيه قوله تعالى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تظنن بكلمة خرجت من فم أخيك المسلم سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا ولو أسلم ثوبا فوهيا في ثوب مروى ويجعل من المسلم إليه فضل دراهم أو متاع جاز لان ما بخص الدراهم أو المتاع من الثوب الفوهي يكون مبيعا وما
(١٨٧)