ما يدعيه الخصم ان الحكم حرمة فضل في الذات يكون اثبات الحكم على مخالفة الأصول فالبيع ما شرع الا لطلب الربح والفضل فأفضل الذي يقابله العوض حلال ككسبه بالبيع فكيف يستقيم ان يجعل حراما بالرأي وإن أردت تحرير النكتة قلت التفاح والرمان مال لم يسقط قيمة الجودة منه عند المبايعة فيجوز بيع بعضه ببعض كيف ما كان كالثياب والدواب ثم تقريره من الوجه الذي ذكرنا وبهذا يعلل في القليل من الحنطة كالحفنة ونحوها فان قيل كيف يستقيم هذا ولو غصب من آخر حفنة من حنطة فنقصت عنده ليس للمغصوب منه ان يضمنه النقصان مع أخذ حنطته ولو كان للجودة منها قيمة لكان له ذلك كما في التفاح والرمان والثياب ونحوها قلنا الواجب على الغاصب ضمان القيمة لان الحفنة ليست من ذوات الأمثال فان المماثلة بالمعيار وليس للحفنة معيار فعرفنا ان الواجب هو القيمة وقد بينا ان المالية والقيمة في الحنطة لا تعلم الا بالكيل فلا بد من إظهار قيمة هذا المغصوب من اعتبار الكثير وهو القفيز وعند اعتبار ذلك لا قيمة للجودة فلا يمكن معرفة النقصان ليوجب ذلك على الغاصب ويمكن معرفة القيمة بالحرز فيوجب القيمة ويكون شرط الاستيفاء تسليم العين إلى الغاصب فإذا أراد استرداد العين لم يكن له أن يرجع بشئ كما لو قطع يد عبد عند انسان فأراد المولى إمساك العبد لم يرجع بشئ على قول أبي حنيفة وعلى هذا الأصل قلنا لو باع حفنة بقفيز لا يجوز أيضا لان القفيز لا قيمة للجودة منه فتكون المقابلة باعتبار الذات فيظهر الفضل الخالي عن المقابلة بخلاف الحفنة بالحفنتين فكل واحد منهما يقابل الآخر في البيع والشراء من غير اعتبار القفيز وبدون اعتباره للجودة قيمة فلا يظهر الفضل الخالي عن المقابلة ويتبين بما ذكرنا فساد علة الخصم بالطعم والثمنية فإنها علة قاصرة لا تتعدى إلى الفروع ولأنها تثبت الحكم على مخالفة الأصول ولان الطعم عبارة عن أعظم وجوه الانتفاع بالمال وكذلك الثمنية فإنها تنبئ عن شدة الحاجة إليه وتأثير الحاجة في الإباحة لا في الحرمة كتناول الميتة تحل باعتبار الضرورة ولا معنى لما قال إن الشرع ما حرم البيع في هذه الأموال الا ما حرم في سائر الأموال وهو الفضل الخالي عن المقابلة وهذا لأن هذه الأموال بذلة كسائر الأموال حتى يجوز تناولها بدون الملك بالإباحة وبالملك بغير عوض وهو الهبة بخلاف البضع فإنه مصون عن الابتذال يلحق بالنفوس فيجوز ان يشترط في النكاح زيادة شرط لاظهار خطر المحل وبهذا تبين فساد ما قال إن الاسم المشتق
(١١٩)