المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٤٦
بما روى إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يسهم لصاحب الأفراس الا لفرس واحد يوم حنين وحديث ابن الزبير فإنما أعطاه سهم ذوي القربى له ولأمه صفية وما أسهم له الا لفرس واحد ثم عند تعارض الآثار يؤخذ بالمتيقن لان القياس يأبى استحقاق السهم بالفرس ولأنه لا يقاتل الأعلى فرس واحد ويحمل ما يروى من الزيادة انه أعطى ذلك على سبيل التنفيل كما روى أنه أعطى سلمة بن الأكوع رضي الله عنه سهمين وكان راجلا ولكن أعطاه أحد السهمين على سبيل التنفيل لجده في القتال فإنه قال خير رجالتنا سلمة بن الأكوع وخير فرساننا أبو قتادة وهذه المسألة نظير ما بينا في النكاح ان المرأة لا تستحق النفقة الا لخادم واحد في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف رحمهم الله تستحق النفقة لخادمين ومن مرض أو كان جريحا في خيمته حتى أصابوا الغنائم فله السهم كاملا لان سبب الاستحقاق وجد في حقه كما قررنا وفى نظيره قال صلى الله عليه وسلم إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم وإذا بعث الامام سرية من العسكر في دار الحرب فجاءت بغنائم وقد أصاب الجيش غنائم أيضا فان بعضهم يشارك بعضا في المصاب لأنهم اشتركوا في سبب الاستحقاق وهو دخول دار الحرب على قصد القتال ولان الجيش في حق أصحاب السرية كالردء لهم حتى يلجؤون إليهم إذا حزبهم أمروهم بمنزلة الردء لاجتماعهم في دار الحرب وقد بينا أن للردء أن يشارك الجيش في المصاب وإن لم يلقوا قتالا بعد ما التحقوا بهم فهذا أولى وان أسر فأصاب المسلمون بعده غنيمة ثم انفلت منهم فالتحق بالجيش الذي أسر منه قبل أن يخرجوا فهو شريكهم في جميع ما أصابوا وإن لم يلقوا قتالا بعد ذلك لأنه انعقد سبب الاستحقاق له معهم فيشاركهم فيما تأكد الحق به وهو الاحراز فلا يعتبر العارض بعد ذلك كما لو مرض أو جرح وان التحق هذا الأسير بعسكر آخر في دار الحرب وقد أصابوا غنائم فإنه لا يستحق السهم إلا أن يلقوا قتالا فيقاتل معهم لأنه ما انعقد له سبب الاستحقاق معهم وإنما كان قصده من اللحوق بهم الفوز والنجاة فلا يستحق السهم إلا أن يلقوا قتالا فحينئذ تبين بفعله ان قصده القتال معهم ويجعل قتاله للدفع عن المصاب كقتاله للإصابة في الابتداء وكذلك الذي أسلم في دار الحرب إذا التحق بالعسكر أو المرتد إذا تاب فالتحق بالعسكر أو التاجر الذي دخل بأمان إذا التحق بالعسكر فإنهم بمنزلة الأسير ان قاتلوا استحقوا السهم وإلا فلا شئ لهم وفى الأصل ذكر أن عبدا لو جنى جناية
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست