المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٤٥
ضعف الحق قبل الاحراز بإباحة تناول الطعام والعلف لكل واحد منهم من غير ضرورة وضمان وبامتناع وجوب الضمان على من أتلف شيئا من الغنيمة قبل الاحراز بخلاف ما بعد الاحراز وبقبول شهادة الغانمين في الغنيمة قبل الاحراز وامتناع قبول الشهادة بعد الاحراز وتبين بذلك أن الحق ضعيف كحق كل مسلم في مال بيت المال ولكن أصحاب الشافعي رحمهم الله ربما لا يسلمون هذين الفصلين وإذا كان العبد مع مولاه فقاتل باذنه يرضخ له وكذلك الصبي والمرأة والذمي والمكاتب لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كأن لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد وكان يرضخ لهم وعن فضالة بن عبيد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرضخ للمماليك ولا يسهم لهم ولان العبد غير مجاهد بنفسه الا ترى ان للمولى ان يمنعه من الخروج فلا يسوى بينه وبين الحر الذي هو أهل للجهاد بنفسه في استحقاق السهم ولكن يرضخ له إذا قاتل لمعنى التحريض والصبي والمرأة ليس لهما قوة الجهاد بأنفسهما ولهذا لا يلحقهما فرض الجهاد والذمي ليس من أهل الجهاد بنفسه فان الكفار لا يخاطبون بالشرائع ما لم يسلموا والرق في المكاتب قائم ويتوهم ان يعجز فيمنعه المولى من الخروج إلى الجهاد وإن كان العبد في خدمة مولاه وهو لا يقاتل لا يرضخ له أيضا لان مولاه التزم مؤنته لخدمته لا للقتال به بخلاف الأول فإنه التزم مؤنته للقتال به ونظيره ما قررناه من بيع الفرس وأهل سوق العسكر إن لم يقاتلوا فلا يسهم لهم ولا يرضخ لان قصدهم التجارة لا إرهاب العدو واعزاز الدين فان قاتلوا استحقوا السهم لأنه تبين بفعلهم ان قصدهم القتال ومعنى التجارة تبع لذلك فحالهم كحال التاجر في طريق الحج لا ينتقص به ثواب حجه وفيه نزل قوله تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم ومن دخل دار الحرب بأفراس لا يستحق السهم الا لفرس واحد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وهو قول أهل العراق وأهل الحجاز وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يستحق السهم لفرسين وهو قول أهل الشام رحمهم الله تعالى لما روى أن الزبير بن العوام رضي الله عنه شهد خيبر بفرسين فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم سهما له وسهمين لكل فرس ولان الانسان قد يحتاج في القتال إلى فرسين حتى إذا كل أحدهما قاتل على الآخر وهو عادة معروفة في المبارزين فكان ملتزما مؤنة فرسين للقتال فيستحق السهم لهما وما زاد على ذلك غير محتاج إليه للقتال فكان من الجنائب وهما استدلا
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست