المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٢٧
وبلغنا عن علي رضي الله عنه أنه ألقي ما أضاب من عسكر أهل النهروان في الرحبة فمن عرف شيئا أخذه حتى كان آخر من عرف شيئا لإنسان قدر حديد فأخذها ولما قيل لعلي رضي الله عنه يوم الجمل الا تقسم بيننا ما أفاء الله علينا قال فمن يأخذ منكم عائشة وإنما قال ذلك استبعادا لكلامهم واظهارا لخطئهم فيما طلبوا وإذا أخذت المرأة من أهل البغي فإن كان ت تقاتل حبست حتى لا يبقى منهم أحد ولا تقتل لأن المرأة لا تقتل على ردتها فكيف تقتل إذا كانت باغية وفى حال اشتغالها بالقتال إنما جاز قتلها دفعا وقد اندفع ذلك حين أسرت كالولد يقتل والده دفعا إذا قصده وليس له ذلك بعدما اندفع قصده ولكنها تحبس لارتكابها المعصية ويمنعها من الشر والفتنة وإذا أخذ رجل حر أو عبد كان يقاتل وكان عسكر أهل البغي على حاله قتل لأنه ممن يقاتل عبدا كان أو حرا وقد بينا جواز قتل الأسير إذا بقيت له فئة وإن كان عبدا يخدم مولاه ولم يقاتل حبس حتى لا يبقي من أهل البغي أحد ولم يقتل لأنه ما كان مقاتلا والقتل في حق أهل البغي للدفع فمن لم يقاتل ولم يعزم على ذلك لا يقتل ولكنه مال الباغي وقد بينا أنه يوقف حتى لا يبقي أحد منهم وإنما يوقف العبد بحبسه لكيلا يهرب فيعود إلى مولاه وما أصاب المسلمون منهم من كراع أو سلاح وليس لهم إليه حاجة قال اما الكراع فيباع ويحبس الثمن لأنه يحتاج إلى النفقة فلا ينفق عليه الامام من بيت المال لما فيه من الاحسان إلى صاحبه الباغي ولان حبس الثمن أهون عليه من حبس الكراع فلهذا يبيعه ويحبس ثمنه حتى يتفرق جمعهم فيرد ذلك على صاحبه وأما السلاح فيمسكه ليرده على صاحبه إذا وضعت الحرب أو زارها وهذا لان في الرد في الحال إعانة لهم على أهل العدل وذلك لا يجوز فلهذا يوقف لتفرق الجمع فان طلب أهل البغي الموادعة أجيبوا إليها إن كان خيرا للمسلمين لما بينا أنهم قد يحتاجون إلى الموادعة لحفظ قوة أنفسهم إذا لم يقووا على قتالهم وكما يجوز ذلك في حق المرتدين يجوز في حق أهل البغي ولم يؤخذ منهم عليها شئ لأنهم مسلمون ولا يجوز أخذه الجزية من المسلمين وقد بينا مثله في حق المرتدين الا ان هناك إذا أخذوا ملكوا لأنهم بعدما صاروا أهل حرب تغنم أموالهم وههنا ان أخذوا لا يملكون لان أموال الخوارج لا تغنم بحال وإذا تاب أهل البغي ودخلوا إلى أهل العدل لم يؤخذوا بشئ مما أصابوا يعني بضمان ما أتلفوا من النفوس والأموال ومراده إذا أصابوا ذلك بعد ما تجمعوا وصاروا أهل منعة فاما ما أصابوا قبل ذلك فهم ضامنون لذلك لأنا أمرنا
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست