المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٢٣
ردته بانت منه امرأته ولكنه لا يقبل استحسانا لان القتل عقوبة وهو ليس من أهل أن يلتزم العقوبة في الدنيا بمباشرة سببها كسائر العقوبات ولكن لو قتله انسان لم يغرم شيئا لان من ضرورة صحة ردته اهدار دمه وليس من ضرورته استحقاق قتله كالمرأة إذا ارتدت لا تقتل ولو قتلها قاتل لم يلزمه شئ وهذه فصول أحدها في الذي أسلم تبعا لأبويه إذا بلغ مرتدا في القياس يقتل لارتداده بعد اسلامه وفى الاستحسان لا يقتل ولكن يجبر علي الاسلام لأنه ما كان مسلما مقصودا بنفسه وإنما يثبت له حكم الاسلام تبعا لغيره فيصير ذلك شبهة في اسقاط القتل عنه وان بلغ مرتدا والثاني إذا أسلم في صغره ثم بلغ مرتدا فهو على هذا القياس والاستحسان لقيام الشبهة بسبب اختلاف العلماء في صحة اسلامه في الصغر والثالث إذا ارتد في صغره والرابع المكره على الاسلام إذا ارتد فإنه لا يقتل استحسانا لأنا حكمنا باسلامه باعتبار الظاهر وهو أن الاسلام مما يجب اعتقاده ولكن قيام السيف على رأسه دليل على أنه غير معتقد فيصير ذلك شبهة في اسقاط القتل عنه وفى جميع ذلك يجبر على الاسلام ولو قتله قاتل قبل أن يسلم لا يلزمه شئ وإذا ارتد السكران في القياس تبين منه امرأته لان السكران كالصاحي في اعتبار أقواله وأفعاله حتى لو طلق امرأته بانت منه ولو باع أو أقر بشئ كان صحيحا منه ولكنه استحسن وقال لا تبين منه امرأته لان الردة تنبنى على الاعتقاد ونحن نعلم أن السكران غير معتقد لما يقول ولأنه لا ينجو سكران من التكلم بكلمة الكفر في حال سكره عادة والأصل فيه ما روى أن واحدا من كبار الصحابة رضي الله عنهم سكر حين كان الشرب حلالا وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنتم الا عبيدي وعبيد آبائي ولم يجعل ذلك منه كفرا وقرأ سكران سورة قل يا أيها الكافرون في صلاة المغرب فترك اللاآت فيه فنزل فيه قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون فهو دليل على أنه لا يحكم بردته في حال سكره كما لا يحكم به في حال جنونه فلا تبين منه امرأته والمكره على الردة في القياس تبين منه امرأته وبه أخذ الحسن لأنا لا نعلم من سره ما نعلم من علانيته وإنما ينبني الحكم على ما نسمع منه ولهذا يحكم باسلامه ان أسلم مكرها ولا أثر لعذر الاكراه في المنع من وقوع الفرقة كما لو أكره على الطلاق وفى الاستحسان لا تقع الفرقة بينه وبين امرأته لان قيام السيف على رأسه دليل ظاهر على أنه غير معتقد لما يقول وإنما قصد به دفع الشر عن نفسه والردة تنبني على
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست